هدنة السويداء تفتح طريق المساعدات.. وترقّب لتبادل المحتجزين
دخلت الأحد أول قافلة مساعدات إنسانية من الهلال الأحمر السوري إلى مدينة السويداء جنوبي البلاد، غداة إعلان وقفٍ لإطلاق النار أعقب أسبوعًا من اشتباكات على خلفية طائفية أوقعت أكثر من 1000 قتيل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشهدت السويداء هدوءًا حذرًا الأحد، وفق مراسلين لفرانس برس في المدينة وعلى أطرافها، توازيًا مع انتشار عناصر الأمن الداخلي في أجزاء من المحافظة بموجب إعلان الرئاسة السورية وقفًا لإطلاق النار السبت.
وأتاح ذلك دخول أول قافلة محمَّلة مساعدات إنسانية إلى المدينة التي بدت مقفرة بعد نزوح غالبية سكانها البالغ عددهم 150 ألف نسمة.
وقال مدير الإعلام والتواصل في الهلال الأحمر عمر المالكي لفرانس برس: "هذه أول قافلة تدخل بعد الأحداث الأخيرة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية والسلطات المحلية" في المدينة.
وتضمّ المساعدات سِلالًا غذائية ومستلزمات طبية وطحينًا ومحروقات وأكياسًا للجثث، بحسب المالكي.
ولا تزال الجثث تملأ مشرحة المستشفى المركزي في السويداء وبعض غرفه، وفق صور التقطها مصوّر لفرانس برس، بينما يعمل الطاقم الطبي المنهك بين جثثٍ موزعة في المكان، بعضها مكشوف.
وأكد المرصد أن "هدوءًا حذرًا" يسود جبهات القتال منذ منتصف ليل السبت-الأحد، محذرًا من "تدهور الأوضاع الإنسانية والنقص الحاد في المستلزمات الطبية".
واندلعت أعمال العنف في 13 يوليو بين مسلّحين دروز وآخرين من البدو، قبل أن تتدخل فيها القوات الحكومية ثم مسلّحين من العشائر إلى جانب البدو، وفق المرصد وشهود. وفاقمت ضربات إسرائيلية على مقار رسمية في دمشق والسويداء في خضم التصعيد، الوضع سوءًا.
وأعلنت وزارة الداخلية "إخلاء مدينة السويداء من كافة مقاتلي العشائر وإيقاف الاشتباكات داخل أحياء المدينة"، في خطوة قال المتحدث باسم مجلس القبائل والعشائر السورية خلدون الأحمد إنها جاءت "استجابة لنداء رئاسة الجمهورية وبنود الاتفاق".
وعلى منصة "أكس"، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك: "لا يمكن احتواء الأعمال العدائية المتصاعدة إلا من خلال اتفاق على وقف العنف وحماية الأبرياء".
وأضاف: "أما الخطوة الأساسية التالية على طريق الشمول وخفض التصعيد المستدام، فهي تنفيذ عملية تبادل كاملة للأسرى والمعتقلين، والتي يجري حاليًا الإعداد لترتيباتها اللوجستية".
وأفادت وكالة سانا الرسمية مساء الأحد بأن "المفاوضات لا تزال جارية" من أجل "تبادل المحتجزين بين عشائر البدو والمجموعات المسلحة في السويداء".
وجاء إعلان دمشق السبت عن وقفٍ لإطلاق النار بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة عن هدنة بين سوريا وإسرائيل التي تعهّدت مرارًا بحماية الدروز، وسبق لها أن حذّرت السلطات الانتقالية من أنها لن تسمح بوجود قواتها في جنوب سوريا على مقربة من هضبة الجولان التي تحتل أجزاء واسعة منها منذ 1967.
وأوقعت الاشتباكات التي تخللتها عمليات إعدام وانتهاكات، أكثر من ألف قتيل خلال أسبوع، بينهم قرابة 300 مدني درزي، بحسب حصيلة للمرصد الأحد.
كما دفعت أكثر من 128 ألف شخص إلى النزوح من منازلهم، وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وتعاني قلة من السكان ما تزال تلازم منازلها في السويداء من انقطاع الكهرباء والماء، فيما الغذاء شحيح مع استمرار إقفال المحالّ التجارية.
وحضّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو السلطات على "محاسبة أيّ شخص مذنب بارتكاب الفظائع وتقديمه إلى العدالة، بمن فيهم من هم في صفوفها".
وقال على "أكس": "إذا كانت السلطات في دمشق تريد الحفاظ على أي فرصة لتحقيق سوريا موحدة وشاملة وسلمية يجب عليها المساعدة في إنهاء هذه الكارثة".
لجنة تقصي حقائق "أحداث الساحل" تسلم تقريرها
وأعلنت الرئاسة السورية الأحد تسلمها تقرير لجنة تقصي الحقائق الرسمية المكلّفة التحقيق في أعمال العنف في الساحل، متعهدة باتخاذ خطوات من شأنها "منع تكرار الانتهاكات".
وأكدت الرئاسة في بيان أنها "ستقوم بفحص النتائج الواردة في التقرير بدقة وعناية فائقتين لضمان اتخاذ خطوات من شأنها الدفع بمبادئ الحقيقة والعدالة والمساءلة ومنع تكرار الانتهاكات في هذه الوقائع وفي مسار بناء سوريا الجديدة"، من دون نشر أي من خلاصاته.
ووفق شهادات وثّقها آنذاك ناجون ومنظمات حقوقية ودولية، فقد أودت أعمال العنف بأفراد عائلات بأكملها، بمن فيهم نساء وأطفال ومسنّون.
وحضّت باريس السلطات على "إجراء تحقيق في الانتهاكات غير المقبولة المرتكبة بحق المدنيين" في السويداء، داعية إيّاها إلى "ضمان أمن وحقوق جميع مكوّنات الشعب السوري، بناء على ما التزم به الرئيس أحمد الشرع".