بين قصف إسرائيل وزحف الـ50 ألفا.. من يضبط مشهد السويداء؟
في وقت تفرض إسرائيل "خطوطاً حمراء" جديدة وتتدخل عسكرياً لـ"حماية الدروز في السويداء"، حسب قولها، محولةً الاقتتال السوري إلى بعد دولي، أعلنت القبائل العربية في سوريا "النفير العام" لنجدة عشائر البدو في المحافظة السورية، حيث يتحرك عشرات آلاف المقاتلين نحو مدينة السويداء، وسط تقارير عن جرائم "تطهير عرقي" ونزوح قسري لآلاف العائلات.
هذا المشهد المعقد يضع الحكومة السورية الجديدة أمام اختبار بين الفوضى الداخلية والضربات الإسرائيلية.
تدخل إسرائيلي يفرض "خطوطاً حمراء" وردود فعل دولية
صعّدت إسرائيل من تدخلها في الأزمة، حيث استهدفت، الأربعاء، مقرّ القيادة العسكرية السورية في دمشق، وشنت موجة غارات على دبابات وقوافل عسكرية في الجنوب، وفقاً لتقرير وول ستريت جورنال.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنّ الإدارة السورية تجاوزت خطين أحمرين: الأول هو إرسال قوات إلى منطقة تطالب إسرائيل بأن تكون منزوعة السلاح تمتد من هضبة الجولان إلى جبل الدروز، والثاني هو السماح بإلحاق الأذى بالسكان الدروز، متهماً الحكومة السورية بارتكاب "مجازر" بحقهم.
وأضاف نتنياهو أن الرد جاء دفاعاً عن الدروز، مؤكداً أن "وقف إطلاق النار تحقق بالقوة"، بحسب ما نقلت رويترز.
واستمر القصف الإسرائيلي، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت، الخميس، مقاتلي العشائر في محيط قرية ولغا بالسويداء، كما استهدفت سيارة عسكرية على طريق ظهر الجبل ما أدى لمقتل 5 عناصر من وزارة الدفاع.
وبحسب تلفزيون سوريا، شنت طائرات مسيرة إسرائيلية أربع غارات على مواقع في السويداء فجر الجمعة.
وفي خطوة إضافية، أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي توجيهات بنقل مساعدات إنسانية إلى الدروز في السويداء، كما أوردت رويترز.
وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تدعم الضربات الإسرائيلية الأخيرة، وعبرت عن استيائها الشديد، بحسب ما صرحت به المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية لرويترز.
وأكدت واشنطن أنها تتواصل دبلوماسياً مع الطرفين للتوصل إلى اتفاق دائم.
رداً على ما وصفوها بـ"الانتهاكات" التي تُرتكب ضد عشائر البدو في السويداء، أعلنت القبائل العربية في سوريا، الخميس، "النفير العام" لنجدتهم، حسب ما جاء في تقارير لوكالات أسوشيتد برس وفرانس برس.
ودعت العشائر في بيانها الحكومة السورية إلى عدم عرقلة تحرك المقاتلين القادمين من خارج المنطقة.
ميدانياً، أفاد مصدر في قوات العشائر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن عدد المقاتلين المشاركين في الهجوم يتجاوز 50 ألف مقاتل، مع توقع وصول عشرات الآلاف فجر الجمعة من مناطق شرقي سوريا ومحافظة حلب.
وأكد المصدر أن مقاتلي العشائر سيطروا بالفعل على عدد من القرى، أبرزها بلدة المزرعة.
وبحسب مراسل تلفزيون سوريا، دخلت قوات العشائر مدينة السويداء، وتدور اشتباكات عنيفة في الجهة الغربية.
وأوضح قائد عسكري للبدو في حديثه لرويترز أن الهجوم يهدف لإنقاذ العناصر المحتجزين وأن الهدنة التي تم التوصل إليها لا تشملهم وتنطبق فقط على القوات الحكومية.
نزوح قسري واتهامات بـ"تطهير عرقي"
تصاعدت الأزمة الإنسانية بشكل حاد، حيث أفادت وكالة الإخبارية السورية بأن "مجموعات يتزعمها الشيخ حكمت الهجري" أجبرت آلاف العائلات من عشائر البدو على النزوح القسري من عشرات القرى في ريفي السويداء الشرقي والغربي تحت التهديد بالقتل وحرق المنازل.
ووصفت الوكالة ما حدث بأنه "جريمة تطهير عرقي"، مشيرة إلى أن التهديدات طالت قرى مثل الدور وسميع وصمّا، ومنطقة المقوس.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان خبر نزوح العائلات من مناطق مثل سهوة البلاطة والزيتونة والمزرعة، مشيراً إلى قيام مسلحين محليين بمحاصرة أحياء يقطنها مواطنون من عشائر البدو.
وأفاد مراسل تلفزيون سوريا بمقتل أكثر من 100 شخص من عشائر البدو الخميس وحده خلال هجوم شنته فصائل تابعة للشيخ حكمت الهجري.
ونقلت رويترز أنه عثر على 12 شخصاً من عائلة واحدة مقتولين في منزل واحد.
وفي حديث لموقع الإخبارية السورية، وصف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، ما جرى بأنه "مجزرة مروّعة ذات طابع انتقامي" وجريمة جماعية ترسل رسائل تهديد لأبناء البدو بأنهم عرضة للتطهير، محمّلاً الشيخ حكمت الهجري مسؤولية الفوضى.
الحكومة السورية بين الفوضى الداخلية والضربات الإسرائيلية
بعد أن سحبت قواتها من السويداء، اتهمت الرئاسة من وصفتهم بـ"القوات الخارجة عن القانون" في السويداء بخرق التفاهمات وارتكاب "جرائم مروعة" هددت السلم الأهلي.
وأكد البيان أن الانسحاب كان يهدف لإتاحة الفرصة للتهدئة وضمان عدم اللجوء للعنف ضد المدنيين.
وتعهدت دمشق بمحاسبة جميع المتورطين وحماية السوريين كافة، مجددة التزامها ببسط سيادة الدولة وتطبيق القانون.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، في تصريح لتلفزيون سوريا، أن قوات الأمن تستعد لإعادة الانتشار في مدينة السويداء كقوة فض اشتباك بين قوات العشائر والفصائل المحلية.
وفي خطاب نقله الإعلام، اتهم، الرئيس السوري، أحمد الشرع إسرائيل بالسعي إلى "تفكيك وحدة شعبنا" و"خلق الفتن"، وفق ما أوردت رويترز. وحذرت الرئاسة السورية من أن "التدخلات الإسرائيلية" تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي وتؤدي إلى مزيد من الفوضى.