مال وأعمال

بعد الخلاف مع ترامب.. هل يؤسس ماسك حزبا جديدا يهدد الجمهوريين؟

نشر
Camil Bou Rouphael
قبل أقلّ من أسبوع، كان الملياردير، إيلون ماسك، ضيفًا مكرّمًا في البيت الأبيض، وتلقى شكرًا علنيًا من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على "جهوده في تحسين كفاءة الحكومة".
لكن الأمور لم تلبث أن انقلبت رأسًا على عقب. ففي غضون 48 ساعة فقط، اشتعلت مواجهة سياسية وإعلامية بين الرجلين، خرجت من أروقة الإدارة إلى شاشات المستثمرين ومنصات التواصل، حتى باتت تهدد عقودًا فدرالية كبرى، وتفجّر الخلافات داخل الحزب الجمهوري.
النقطة المفصلية كانت عندما هاجم ماسك ما وصفه بـ"مشروع القانون القبيح" الخاص بالإنفاق والضرائب، وبدأ بإعادة نشر تغريدات قديمة لترامب ينتقد فيها الدين العام، قبل أن يطرح استطلاعًا على منصة "إكس" يسأل فيه: "هل تحتاج أميركا إلى حزب سياسي جديد يمثل 80% من الأميركيين الوسطيين؟".
أكثر من 81% من أصل 3.5 ملايين مشارك أجابوا بـ"نعم"، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.
التصعيد لم يقف عند حدّ الخلاف حول السياسات، بل اتخذ منحى شخصيًا غير مسبوق، مع اتهامات ترتبط بملفات إبستين، وانهيار في أسواق الأسهم، وتهديد متبادل باستخدام النفوذ الفدرالي ضد المصالح الاقتصادية للطرفين.
فهل يتحوّل ماسك إلى زعيم تيار ثالث؟ وهل يخسر الجمهوريون داعمًا رقميًا له أكثر من 600 مليون متابع على "إكس"؟ وأين ستنتهي هذه المواجهة بين أغنى رجل في العالم والرئيس الأميركي؟

اعرف أكثر

ماسك يستفتي الأميركيين.. حزب جديد "للغالبية الصامتة"

في ذروة الخلاف مع ترامب، نشر إيلون ماسك استطلاعًا على منصة "إكس" سأل فيه ما إذا كان يجب تأسيس حزب سياسي جديد يمثل 80% من الأميركيين "في الوسط"، وفق "وول ستريت جورنال".
أكثر من 81% من أصل 3.5 ملايين مشارك وافقوا على الطرح، ما فتح الباب أمام نقاش واسع حول الثنائية الحزبية الأميركية.
الملياردير، مارك كوبان، سارع إلى دعم الفكرة عبر منشور يحمل ثلاث علامات تحقق بجانب اقتراح ماسك، تبعه آندرو يانغ، الذي دعا إلى انتخابات أولية مستقلة عام 2028 تضم شخصيات من خارج الحزبين.
في المقابل، وصف ستيف بانون، المستشار السابق لترامب، هذا التوجه بأنه خيانة، قائلاً في برنامجه إن "ماسك خرج من عباءة ماغا، ولا أحد في جمهور ترامب سيشتري سيارة تسلا بعد الآن"، بحسب ما نقلته سي إن بي سي.

اشتباك رقمي بين "إكس" و"تروث".. معركة على النفوذ

في عصر تهيمن عليه المنصات الرقمية، تحوّل الخلاف إلى اشتباك إعلامي بين "إكس" التابعة لماسك، ومنصة "تروث سوشيال" التابعة لترامب.
موقع سي إن إن وصف هذه المواجهة بأنها اختبار نفوذ بين رئيس يتمتع بمنصة صغيرة نسبيًا، ورجل أعمال يملك أداة تواصل ضخمة. إذ يضم "إكس" أكثر من 600 مليون مستخدم، مقابل 6.3 ملايين فقط لـ"تروث".
ماسك نشر خلال يوم واحد أكثر من 100 منشور ضد ترامب، بعضها يعيد نشر تصريحات قديمة لترامب ينتقد فيها العجز والفوضى المالية، مضيفًا تعليقات مثل "كلام حكيم"، و"أين ترامب 2013؟".
وفي تطور لافت، نشر ماسك مقطع فيديو يظهر ترامب مع جيفري إبستين، مع تعليق تعبيري ساخر، وقال في منشور آخر: "ترامب في ملفات إبستين. هذه هي الحقيقة التي لم تُكشف"، وفق وول ستريت جورنال وسي إن إن.
البيت الأبيض اكتفى بوصف الأمر بأنه "حلقة مؤسفة"، مشيرًا إلى أن ماسك "غير راضٍ عن مشروع القانون، لكن الرئيس يركّز على تمريره"، وفقًا لتصريح كارولين ليفيت لسي إن إن.

صراع المليارات.. عقود حكومية وأسواق منهارة

لم تتوقف المعركة عند حدود الخطاب، بل سرعان ما انعكست في الأسواق.
في ذروة السجال، هدّد ترامب بإلغاء عقود فدرالية ضخمة موقّعة مع شركات ماسك، تصل قيمتها إلى نحو 22 مليار دولار، أبرزها مع "ناسا" والبنتاغون ووكالات أمنية، وفقًا لرويترز و"وول ستريت جورنال".
ماسك ردّ بتصعيد مماثل، ملوّحًا بسحب مركبة "دراغون" من الخدمة، وهي الكبسولة الوحيدة حاليًا التي تنقل رواد "ناسا" إلى المحطة الفضائية الدولية. لكنه عاد لاحقًا ليتراجع، قائلاً: "نصيحة جيدة.. لن نوقف دراغون"، كما نقلت أكسيوس.
أما الخسائر المالية، فكانت حادة. أسهم "تسلا" هوت بنسبة 14.3% في يوم واحد، ما أفقدها 152 مليار دولار من قيمتها السوقية، في أكبر ضربة منذ عام 2020، وفق فورتشن وسي أن بي سي.
وفي المقابل، خسر ترامب نحو 202 مليون دولار من شركته الإعلامية، إضافة إلى تراجع بنسبة 10% في "عملة الميم" الخاصة به، أي ما يقارب 900 مليون دولار، بحسب أكسيوس.

انقسام داخل الجمهوريين وسط تحركات ماسك التصعيدية

المواجهة وضعت نوابًا جمهوريين في موقف حرج. ماسك دعا إلى طرد المشرّعين الذين أيدوا ما وصفه بـ"القانون المقزز"، مهددًا بتمويل حملات أولية ضدهم.
في المقابل، سعى ترامب إلى حشد نوابه للحفاظ على وحدة الكتلة، خاصة مع تمرير القانون بصوت واحد فقط (215 مقابل 214)، بحسب وول ستريت جورنال.
رغم أن البيت الأبيض قلل من أثر ماسك، فإن مصادر أكسيوس كشفت عن تحركات داخلية لترتيب اتصال هاتفي بين الرجلين، في محاولة لاحتواء الأزمة.
في حديثه مع "بوليتيكو"، قال ترامب: "كل شيء على ما يرام. علاقتنا أفضل من أي وقت مضى".
لكن ستيف بانون عاد وأشعل الجدل قائلاً إن على الحكومة التحقيق في وضع ماسك القانوني كمواطن متجنس، مشيرًا إلى أنه "لم يعد يمكن الوثوق به"، بحسب وول ستريت جورنال.

تسلا في مهبّ المواجهة.. لوائح فدرالية وعقود حكومية مهددة

أبعد من العلاقة الشخصية، تمس المواجهة بين ترامب وماسك صلب العلاقة بين التكنولوجيا والسياسة.
شركة "تسلا" تعتمد على تسهيلات تنظيمية فدرالية لنشر سيارات ذاتية القيادة على نطاق واسع، وهي تخوض مفاوضات لتوحيد المعايير الفدرالية، كما أوضح ماسك في فيديو مع وزير النقل، نُشر على "إكس".
وبحسب وول ستريت جورنال، فإن تدهور العلاقة مع البيت الأبيض قد يعقّد هذه المساعي.
المعركة قد تؤثر كذلك على مبيعات "تسلا"، خاصة بعد دعوات من داخل معسكر ترامب لمقاطعة الشركة، وهو ما أثار ذعر بعض المستثمرين الذين اعتبروا أن البيئة التنظيمية المستقبلية قد تصبح أكثر عدائية تجاه ماسك.
في غضون ٤٨ ساعة فقط، انتقل ماسك من "صديق في البيت الأبيض" إلى شخص يهدد بفضح ملفات حساسة، ويقترح تأسيس حزب جديد، ويحرك الأسواق بنقرة واحدة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة