غرام قاتل.. لماذا وقع الأميركيون في حب "مانجيوني"؟

كان لويجي مانجيوني يجلس على طاولة في الجزء الخلفي من مطعم ماكدونالدز مرتديا قناعا طبيا أزرق، ويتصفح جهاز كمبيوتر، وعندما سأله أحد الضباط إن كان قد زار نيويورك مؤخرا "صمت، وبدأ يرتجف"، حسب ما نقلت تقارير صحافية الثلاثاء 10 ديسمبر.

وعثرت الشرطة في حقيبة ظهر خاصة بالمشتبه به على مسدس أسود مطبوع بتقنية الطباعة 3D، وكاتم صوت أسود مطبوع بنفس التقنية، وفقا للوثائق، وأوضحت شرطة بنسلفانيا أنه تم القبض عليه حوالي الساعة التاسعة من صباح الإثنين بالتوقيت المحلي. وقالت مفوضة شرطة نيويورك، جيسيكا تيش: "نعتقد أنه الشخص الذي نبحث عنه في جريمة قتل بريان تومسون".

وأدى هذا الاكتشاف العرضي في المطعم بمدينة ألتونا إلى تقدم دراماتيكي في تحقيق صعب وسريع الحركة أثار اهتمام الرأي العام منذ إطلاق النار الذي وقع قبل 5 أيام وهزّ صناعة التأمين الصحي بالولايات المتحدة.

كشفت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى وثائق قضائية أن لويجي نيكولاس مانجيوني هو أحد خريجي واحدة من جامعات القمة المعروفة باسم Ivy League، التي تضم جامعات مثل: هارفارد، ويال، وبرينستون، وبنسلفانيا، وكولومبيا.

كان آخر ما عُرف عن الشاب البالغ من العمر 26 عاما أنه يعيش في هونولولو، وليس لديه تاريخ اعتقال سابق ونشأ مع عائلة ثرية ومؤثرة في ماريلاند.

والتحق مانجيوني بمدرسة للصفوة في بالتيمور، وتخرج كطالب متفوق في عام 2016، وفقا لموقع المدرسة على الإنترنت. وفي خطاب تخرجه، تحدث عن "شجاعة زملائه المذهلة لاستكشاف المجهول وتجربة أشياء جديدة".

وقال متحدث باسم المدرسة إنه حصل على دراسات عليا في علوم الكمبيوتر في عام 2020 من جامعة بنسلفانيا. وأثناء حضوره الجامعة، عمل كمساعد تدريس وأسس ناديا لتطوير ألعاب الفيديو.

وأصدرت عائلته، من خلال ابن عمه نينو مانجيوني، وهو عضو في الهيئة التشريعية لولاية ماريلاند، بيانا عقب اعتقاله، قال فيه: "عائلتنا مصدومة ومدمرة بسبب اعتقال لويجي، نقدم صلواتنا لعائلة بريان تومسون ونطلب من الناس الصلاة من أجل جميع المعنيين".

ووفقا لملف شخصي نشرته صحيفة محلية عام 1995، كان جد مانجيوني، نيك مانجيوني الأب، مطورا عقاريا مليونيرا.

بعد انتشار مقاطع كاميرات المراقبة، كشفت مجلة TMZ أن السترة التي ظهر بها أثناء تنفيذ جريمة القتل، أصبحت تباع بسرعة كبيرة، بعد إقبال كبير من الجمهور على شرائها، وتعمد الظهور بها في الشوارع.

وأشار تقرير آخر إلى أن بعض الرجال نظموا حدثا استثنائيا في حديقة واشنطن، السبت 7 ديسمبر، للمشاركة في مسابقة لتقليد مظهر القاتل، وارتداء نفس الملابس وإخفاء الوجه بنفس الطريقة، كما وجدت الشرطة "غرافيتي" على الجدران في أحد أزقة فيلادلفيا بجوار حاوية قمامة، تحتوي على الكلمات الثلاث التي كتبها القاتل على الرصاصات التي اخترقت جسد ضحيته وهي: "رفض"، و"تأخير"، و"عزل".

ويتم استخدام هذه الكلمات الثلاث لرفض مطالبات التعويض المالي التي يقدمها عملاء شركات التأمين الصحي.

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن لويجي عانى في الأشهر الـ6 الأخيرة من مشاكل صحية، أُضطر على إثرها إجراء جراحة في عموده الفقري، ووفقا لأصدقائه، كان يعاني الشاب من آلام شديدة، بالرغم من أنه ليس ممن يتذمرون من أي شيء. ووفق الصحيفة، فقد انقطع بعدها عن التواصل بهؤلاء الأصدقاء وعاش في عزلة عن الجميع.

وشبّه بعض مستخدمي إكس، لويجي بشخصية من شخصيات سوبر ماريو، في لعبة "قصر لويجي"، نظرا لتشابه الاسمين أيضا، كما تصدر هاشتاغ Luigi's Mansion منصات السوشيال ميديا.

بالإضافة إلى ذلك، حصد لويجي على الكثير من الإعجاب بعد انتشار صورة اعتقاله، وأصبح لديه 272 ألف متابع على منصة إكس، وترك العديد من هؤلاء المتابعين الجدد رسائل دعم وتقدير، وتضمنت التعليقات على منشورات لويجي، حيث شكره أحد المعجبين على "التضحية بنفسه من أجل المجتمع".

بالإضافة إلى ذلك، عثر المهتمون بالقضية على حسابه بمنصة Goodreads، لتقييم الكتب، ووجدوا ما يعتقدون أنه تبرير مسبق للجريمة، حيث قال لويجي في نقده لكتاب "المجتمع الصناعي ومستقبله" لتيد كاتشينسكي، عام 1995: "عندما تفشل جميع طرق التواصل، العنف ضروري للعيش، فكرة أن "العنف لا يحل شيئا" ليست سوى عبارة يرددها الجبناء".

وعلى الرغم من عدم نشاط مانجيوني على السوشيال ميديا منذ 2021، فإن متابعيه الحاليين يعبرون عن "انجذاب مقلق"، وطالب كثيرون آخرون بالإفراج عنه واقترحوا بدء حملة GoFundMe لدفع تكاليف المحاماة، بينما قالت إحداهن، "ليس مذنبا بالقتل، ذنبه الوحيد أنه وسيم".

لويجي ليس "القاتل" الوحيد الذي اعتبره الأميركيون "وسيما ويستحق الحرية"، حيث تكرر نفس الشيء مع العديد من القتلة، وبالأخص القتلة المتسلسلين.

وهذه حالة تسمى الـ"هيبريستوفيليا"، وهي حالة شاذة تتضمن الاهتمام الجنسي والانجذاب إلى مرتكبي جرائم القتل.

وتشرح زوي كلوز، أخصائية القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والصدمات، أن سر الإعجاب بهذه الشخصيات يرجع للطفولة، أي السنوات الأكثر تكوينا، والتي تلعب دورا هائلا في تحديد الأشخاص الذين ننجذب إليهم، فالأشخاص الذين ينجذبون إلى المجرمين هم أشخاص تعرضوا لصدمات في مرحلة الطفولة.

مع صدمة الطفولة، تحدث تغييرات في مستويات الكورتيزول، وهناك تأثيرات طويلة المدى على مناطق معينة في الدماغ، ويمكن أن يؤدي هذا إلى صعوبة في كل من التنظيم العاطفي وتكوين علاقات صحية، وتؤدي الصعوبات إلى انجذاب الناس إلى أولئك الذين يعتقدون أنهم قادرون على "إصلاحهم" أو "تغييرهم" لتحقيق رغبة أو التحقق من صحتهم والسيطرة عليهم.

وتذكر كلوز أن النساء لديهن ميول أكثر للانجذاب إلى المجرمين من الرجال، ويُنظر إلى المجرمين على أنهم يتمتعون بالسلطة والهيمنة، وتحب بعض النساء أن يتم الهيمنة عليهن.

ويلعب الإعلام دورا كبيرا في الترويج لهؤلاء القتلة، فتعتبر زوي أنه تم إضفاء "طابع جنسي" للقاتل المتسلسل تيد بندي من قبل وسائل الإعلام، الأمر الذي ساعده في الحصول على تعاطف الكثير من النساء، بالرغم من أنهن كن الفئة الأساسية لضحاياه.

بالإضافة إلى بندي، حظي الأخوان مينينديز بالشهرة عقب عرض مسلسل نتفليكس الجديد، Monsters: The Menendez Brothers، الذي سعى لإظهارهما في صورة "المضطهدين" من قبل والديهما، قبل أن يرتكبا جريمة قتل بحقهما. وبسبب الانتشار الواسع للمسلسل، وإعادة نشر صورهما أثناء المحاكمة، عادت قضيتهما مجددا للأضواء، ليطالب العديد بالإفراج عنهما.