فلسطينيو 48.. على الهامش حين تدق صفارات الإنذار
في مساء السبت 14 يونيو، سقط صاروخ إيراني على مدينة تمرة الواقعة في الجليل الأسفل، وهي بلدة يسكنها فلسطينيون 48، مما أسفر عن مقتل أربعة أفراد من عائلة واحدة شملت منار خطيب، وابنتاها شذى وهالة، وقريبتهم منال دياب. لم تقتصر هذه المأساة على الخسائر البشرية الفادحة، بل سلّطت الضوء أيضًا على فجوة صارخة في البنية التحتية للحماية المدنية بين المدن الإسرائيلية وتلك ذات الغالبية الفلسطينية داخل إسرائيل، وفقًا لتقرير شبكة
سي إن إن..
أما صحيفة
الغارديان، فقد ذكرت في وصفها لتفاصيل الحادث أن أفراد العائلة هرعوا إلى إحدى الغرف الآمنة التي جهزوها داخل منزلهم فور سماع صفارات الإنذار، كما كانوا يتدربون مسبقًا. غير أن قوة الانفجار دمّرت الطابق العلوي بالكامل، وأسقطته فوق الغرفة المحصنة في الطابق السفلي، ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا بداخلها. وقد صرّح المسعف خير أبو الهيجا، وهو من أوائل من وصلوا إلى موقع القصف، بأنه لم يشهد مشهدًا بهذا القدر من الرعب خلال عشرين عامًا من عمله في المجال.

عرب إسرائيل.. على الهامش حين تدق صفارات الإنذار (أ.ف.ب)
من جهته، قال محمد شما، وهو جار للعائلة، لشبكة "سي إن إن" إن الليلة كانت "مرعبة"، مشيرًا إلى أن الطفلة الوحيدة التي نجت كانت نائمة في الغرفة التي تستخدم كملجأ في المنزل. وأكد أن "ليس كل منزل في تمرة يحتوي على غرفة محصنة"، في إشارة إلى التفاوت في وسائل الحماية المتوفرة.
ووفقًا لتقرير سي إن إن، خيّم على تمرة صباح اليوم التالي شعور ثقيل بالحزن والغضب، نتيجة إدراك السكان لحجم الإهمال المزمن الذي تعاني منه مدينتهم، خاصة فيما يتعلق بغياب الملاجئ العامة والمنزلية. وأوضح التقرير أن هذه الفجوة في الحماية ليست وليدة اللحظة، بل تمثل مصدر قلق طالما عبّر عنه فلسطينيو٤٨ منذ سنوات.
غياب الملاجئ في المدن الفلسطينية داخل إسرائيل
بحسب تقرير سي إن إن، فإن 40% فقط من سكان تمرة، البالغ عددهم نحو 37,000 نسمة، لديهم غرف آمنة أو ملاجئ منزلية. ولا توجد أي ملاجئ عامة في المدينة، وهو ما أكده رئيس البلدية موسى أبو رومي، الذي أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تموّل أبدًا بناء ملاجئ في المدينة، وأنها "لديها أولويات أخرى".
من جانبها، أكدت صحيفة الغارديان أن هذا الإهمال ليس حالة خاصة بتمرة، بل يعكس سياسة طويلة الأمد تجاه المدن العربية داخل إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أن معظم المدن اليهودية مزودة بملاجئ تحت الأرض منذ التسعينيات، في حين تفتقر المجتمعات العربية إلى هذه البنية التحتية الحيوية، رغم أن القانون الإسرائيلي يفرض إنشاء غرف محصنة في الأبنية الحديثة.
وتضيف الغارديان أن الغرف المحصنة ليست بديلًا فعالًا للملاجئ الحقيقية، كما ثبت في حالة عائلة خطيب، حيث انهار الطابق بالكامل على الغرفة المحصنة وقتل من كانوا بداخلها.

عرب إسرائيل.. على الهامش حين تدق صفارات الإنذار (أ.ف.ب)
الاحتفال بسقوط الصاروخ على تمرة
وفقًا لتقرير سي إن إن، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر سكانًا يهودًا من بلدة مجاورة تُدعى "ميتسبي آفيف" وهم يحتفلون بسقوط الصاروخ على تمرة. في الفيديو، يهتف بعضهم: "لتَحترق قريتكم"، ويغنّون أغنية ذات طابع يميني متطرف.
ووفقًا لما نقلته صحيفة الغارديان، أثارت هذه المقاطع غضبًا عارمًا في أوساط سكان تمرة، حيث عبّر كثيرون عن شعورهم بأنهم يُعاملون كمواطنين من درجة ثانية، حتى في لحظات الحداد والموت. أحد السكان قال: "في بلدك، يُعاملوك كأنك غريب، بل كعدو، حتى في موتك".
وقد علّق عضو الكنيست أحمد الطيبي في تصريح لسي إن إن بأن هذه المشاهد ناتجة عن "ثقافة العنصرية المتفشية في المجتمع الإسرائيلي"، بينما أدانت النائبة نعماه لازيمي المشهد على منصة "إكس"، واعتبرته "عارًا وطنيًا".
القمع الممنهج لحرية التعبير
بحسب الغارديان، يخشى العديد من الفلسطينيين داخل إسرائيل التعبير عن آرائهم السياسية علنًا، خوفا من التعرض للملاحقة أو الاعتقال. وقال أحد سكان تمرة في شهادته: "إذا قلت شيئًا، ستأتي 20 سيارة شرطة إلى منزلي".
وفي سياق مشابه، ذكرت سي إن إن أن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أحد سكان القدس الشرقية بعد نشره مقطع فيديو يُظهر فيه تأييده للهجوم الإيراني. وقد رحّب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بهذه الخطوة، مؤكدًا أن "كل من يحتفل مع العدو سيُعاقب".