تكنولوجيا

أكثر من نصف الإنترنت روبوتات.. أرقام مزيفة ونقرات وهمية

نشر
blinx
بينما يشهد العالم حاليًا ازدهارًا غير مسبوق في قطاع الذكاء الاصطناعي، تشير دلائل مقلقة إلى أن هذا الازدهار قد يكون مبنيًا بشكل كبير على نشاط آلي زائف أكثر من كونه نتيجة لتفاعل بشري حقيقي.
فكما كانت فقاعة "الدوت كوم" في تسعينيات القرن الماضي نتيجة التقديرات المبالغ فيها لقيمة شركات الإنترنت، فإن "فقاعة الذكاء الاصطناعي" الحالية تبدو، في نظر كثير من الخبراء، أكثر تضخمًا وخطورة، وربما بفضل الروبوتات.

الروبوتات ليست ضيوفًا جددًا

منذ اختراع أول روبوت محادثة "ELIZA" في عام 1966، وانتشار مساعد مايكروسوفت الشهير "كليبي" في التسعينات، لم تتوقف موجة الحسابات غير البشرية عن التطور، خاصة مع دخول الذكاء الاصطناعي عصره الذهبي.
الروبوتات، التي تُعرّف بأنها برامج تُنفذ مهامًا تلقائية متكررة، لم تعد مجرد أدوات بسيطة بل أصبحت اليوم مكونًا أساسيًا في البنية الرقمية للإنترنت، وفي جوهر ثورة الذكاء الاصطناعي.

ثورة لا تخلو من خداع رقمي

ووفق مجلة "فورتشن" فإن أكثر من نصف الإنترنت.. روبوتات. ولأول مرة في عام 2024، تجاوزت حركة المرور الناتجة عن الروبوتات النشاط البشري على الإنترنت، بحسب شركة "إمبرڤا" Imperva التابعة لعملاق الأمن السيبراني Thales.
وتشير بيانات "تقرير الروبوتات الخبيثة" إلى أن نحو 50% من الحركة على الشبكة تأتي من مصادر غير بشرية، منها 20% من روبوتات يُصنّف نشاطها بالضار، مثل إنشاء زيارات مزيفة للمواقع، والنقرات الوهمية، وجلسات مستخدمين غير حقيقية.

فقاعة أرقام مزيفة

هذه الأرقام تُضخم مؤشرات الأداء التي تعتمد عليها الشركات الرقمية مثل معدلات التحويل، ومتوسط زمن التفاعل، وعدد المستخدمين.
بعض شركات الأمن السيبراني تقول إن هذه الروبوتات تؤدي إلى خسائر بمئات المليارات من الدولارات سنويًا، خاصة عبر نقرات مزيفة على إعلانات مدفوعة الثمن.
حتى شركات ناشئة باتت تتفاخر بـ"أرقام زائفة" مثل عدد التنزيلات أو التسجيلات، التي يمكن للروبوتات تضخيمها بسهولة، وغالبًا ما تُقدَّم هذه البيانات للمستثمرين دون تدقيق مستقل.

فقاعة تكنولوجية بأسس هشة

يخشى خبراء المال، مثل تورستن سلُك، كبير اقتصاديي "أبولو غلوبال"، من أن الفقاعة الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي قد تفوق فقاعة الإنترنت في التسعينات. ويؤكد أن شركات التكنولوجيا الكبرى المدرجة في مؤشر S&P 500 اليوم أكثر تضخمًا من نظيراتها في الماضي، ما يعزز المخاوف من فقاعة ستنفجر عاجلًا أم آجلًا.

"اليونيكورن" التي لم تعد نادرة

مصطلح "يونيكورن" الذي أطلقته خبيرة رأس المال إيلين لي عام 2013 لوصف الشركات الخاصة التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، أصبح في حد ذاته دليلًا على الانفجار غير الطبيعي في السوق. من بضع عشرات إلى أكثر من 1200 شركة بحلول 2025، معظمها في قطاع الذكاء الاصطناعي، وتغذت على فترات التيسير المالي والمضاربات المفرطة.

الرد الحكومي.. قوانين ضد الروبوتات

الولايات المتحدة بدأت مؤخرًا باتخاذ خطوات أكثر حزمًا للحد من تأثير الروبوتات على الاقتصاد الرقمي.
وأبرز هذه الخطوات كان قرار لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) في 2024 بمنع التقييمات والمراجعات الزائفة التي تنشئها روبوتات الذكاء الاصطناعي، وإمكانية فرض عقوبات على الشركات التي تشتري أو تبيع أو تستخدم هذه المراجعات، سواء أكانت آلية أو بشرية.
كما يبرز قانون BOTS (قانون مبيعات التذاكر العادلة)، الذي وُضع أساسًا عام 2016 وتوسع في 2025، ويمنع استخدام الروبوتات لشراء تذاكر الحفلات والأحداث الرياضية، بعد فضيحة بيع تذاكر جولة تايلور سويفت التي اختفت في ثوانٍ بسبب تدخل الروبوتات.

ما الذي قد يحدث لاحقًا؟

في حال انكشفت الأرقام الحقيقية وراء تلك الفقاعات، فإن شركات تعتمد على مستخدمين وهميين قد تواجه انهيارًا في التقييمات، بينما ستبقى الشركات ذات التفاعل البشري الحقيقي هي الأقدر على البقاء. وسيزداد الطلب على تدقيق البيانات من جهات مستقلة، وعلى أدوات لرصد وتصنيف النشاط الروبوتي.
ومع ذلك، يبدو أن الروبوتات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة الرقمية الحديثة. وإذا استمر العالم في تجاهل الفرق بين المستخدم الحقيقي والروبوت، فقد تصبح الفقاعة القادمة أقسى من كل ما سبق.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة