أمن‎

الصين تبتز الغرب بـ"معادن الأسلحة".. دفاعاتكم في أرضنا

نشر
blinx
في ظل تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، بدأت الصين بتقييد تصدير المعادن الحيوية التي تعتمد عليها شركات تصنيع الأسلحة الغربية، مما أدى إلى تأخيرات في الإنتاج وارتفاعات حادة في الأسعار، ودفع الشركات إلى البحث عن بدائل خارج الصين.
وتمثل هذه الإجراءات الصينية تهديدًا مباشرًا لسلاسل التوريد الدفاعية الأميركية، حيث تُسيطر الصين على نحو 90% من سوق المعادن الأرضية النادرة عالميًا، وتحتكر إنتاج عناصر أساسية تدخل في صناعة كل شيء، من الرصاصات إلى مقاتلات F-35، ومحركات الطائرات المسيّرة، ومناظير الرؤية الليلية، وأنظمة توجيه الصواريخ، وصولًا إلى الأقمار الصناعية العسكرية. هل تنجح الصين في إحكام سيطرتها على هذا السوق؟

مصانع تؤجل وتسعير جنوني

أحد موردي أجزاء الطائرات المسيّرة اضطر لتأجيل تسليمات مخصصة للجيش الأميركي شهرين، بسبب عدم تمكنه من الحصول على مغناطيسات نادرة بدون مصدر صيني. وأشار متعاملون في السوق إلى أن أسعار بعض هذه المعادن قفزت إلى خمسة أضعاف، بل إن عنصراً مثل الساماريوم – الضروري لصناعة مغناطيسات تتحمل حرارة محركات الطائرات الحربية – عُرض مؤخرًا على شركة غربية بسعر يعادل 60 ضعف السعر الطبيعي.
مدير شركة "ليوناردو دي آر إس" الأميركية، التابعة للمجموعة الإيطالية الدفاعية "ليوناردو"، قال هذا الأسبوع إن الشركة وصلت إلى المخزون الاحتياطي فقط من الجرمانيوم، وهو معدن أساسي لمستشعراتها الحرارية المستخدمة في الصواريخ.
وأضاف: "إذا لم تتحسن تدفقات المواد الخام في النصف الثاني من عام 2025، فالإنتاج سيتعرض لمخاطر جسيمة".

قيود صارمة ومطالب صينية مقلقة

منذ ديسمبر الماضي، فرضت الصين حظرًا على تصدير عناصر مثل الجرمانيوم، الغاليوم، والأنتيمون إلى الولايات المتحدة، وهي معادن تدخل في تقسية الرصاص ومكونات أجهزة الرؤية الليلية.
كما بدأت بكين مؤخرًا بطلب وثائق مفصلة للغاية من الشركات الغربية الراغبة في استيراد هذه المعادن، تشمل صورًا للمنتجات وخطوط الإنتاج وأسماء العملاء، في محاولة لمنع استخدامها في الصناعات الدفاعية.
شركة أميركية لصناعة المحركات الكهربائية للطائرات المسيّرة تدعى ePropelled، ومقرها نيوهامشير، تلقت من المورد الصيني استبيانات حكومية تطلب تفاصيل حساسة عن منتجاتها وقائمة عملائها. نائب رئيس الشركة علق قائلًا: "بالطبع لن نقدم هذه المعلومات للحكومة الصينية".
نتيجة لذلك، جُمدت الشحنات القادمة من الصين، واضطرت الشركة لتأخير بعض الطلبات لمدة تصل إلى شهرين، رغم أنها سعت للشراء من موردين في اليابان وتايوان، الذين يعتمدون بدورهم على معادن مصدرها الصين.

ذعر في أوساط شركات الدفاع

بحسب شركة تحليل البيانات الدفاعية Govini، فإن أكثر من 80 ألف قطعة تُستخدم في أنظمة أسلحة وزارة الدفاع الأميركية تحتوي على معادن خاضعة الآن لقيود تصدير صينية.
ومعظم سلاسل التوريد الأميركية تمر عبر الصين في مرحلة ما، ما يعني أن أي قرار من بكين يمكنه التسبب في شلل واسع النطاق.
يقول نيكولاس مايرز، الرئيس التنفيذي لشركة Phoenix Tailings الناشئة لإنتاج المعادن النادرة: "شركات الدفاع الكبرى بدأت تشعر بالذعر… لأنها تدرك أنها ببساطة لن تحصل على المغناطيسات اللازمة، ما لم تتدخل بشكل مباشر في سلاسل التوريد".

محاولات التفاف أميركية

ردًا على هذا الوضع، أطلقت وزارة الدفاع الأميركية عدة مبادرات، من بينها منتدى المعادن الحيوية، لدعم مشاريع إنتاج المعادن في الولايات المتحدة ودول حليفة.
وقدمت الوزارة تمويلًا بقيمة 14 مليون دولار لشركة كندية لإنتاج جرمانيوم مخصص لألواح الطاقة الشمسية في الأقمار الصناعية العسكرية، كما أعلنت في يوليو عن استثمار 400 مليون دولار في شركة MP Materials، التي تشغّل أكبر منجم للمعادن النادرة في الأميركتين، لزيادة قدراتها على إنتاج المغناطيسات.
مدير شركة لوكهيد مارتن، المصنّعة لمقاتلات F-35، وصف هذا الاستثمار بأنه "تاريخي"، لكنه أقر بأن بناء سلسلة توريد جديدة سيستغرق وقتًا.

شحنات محتجزة في الصين

وفي حادثة مثيرة في أبريل الماضي، احتجزت الجمارك الصينية شحنة من الأنتيمون الأميركي، مستخرج من أستراليا، كانت في طريقها إلى مصهر في المكسيك، وذلك أثناء عبورها مرفأ نينغبو الصيني. واستمر احتجاز الشحنة ثلاثة أشهر، ولم تُفرج عنها إلا بشروط مشددة، من بينها إعادتها إلى أستراليا ومنع دخولها الأراضي الأميركية. وحين عادت، اكتشفت الشركة أن الأختام على الشحنة فُتحت، وتحقق الآن فيما إذا كانت المواد قد تعرضت للتلوث.

ماذا بعد؟

بينما يسعى البنتاغون لتقليل الاعتماد على الصين بحلول عام 2027، يبقى الواقع أن معظم الشركات تحتفظ بمخزون يكفي لبضعة أشهر فقط من هذه المعادن الحساسة. أما الشركات الصغيرة الناشئة في قطاع الطائرات المسيّرة، فتبدو الأكثر عرضة للخطر.
في ظل هذا المشهد، أصبحت الصين تُلوّح بسلاح المعادن الحرجة كورقة ضغط حقيقية في لعبة النفوذ الجيوسياسي، وتُجبر خصومها على دفع أثمان باهظة في كل من الاقتصاد والدفاع.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة