أمن‎

دمشق أمام معضلة السويداء مجددا.. وإسرائيل تدخل المواجهة

نشر
blinx
 & 
تعيد الاشتباكات الدامية بين مقاتلين دروز وعشائر من البدو بالسويداء في جنوب سوريا، التي بدأت الأحد، إلى الواجهة التحديات الأمنية التي لا تزال تواجهها الحكومة السورية بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وسبق أن وقعت أحداث دامية في الساحل السوري في مارس، واشتباكات قرب دمشق بين مقاتلين دروز وقوات الأمن في أبريل.
ومنذ مايو، يتولّى إدارة الأمن في السويداء مسلحون دروز، بموجب اتفاق بين الفصائل المحلية والسلطات، لكن ينتشر في ريف المحافظة أيضا مسلحون من عشائر أخرى.
وبعد توليها الحكم، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون الذين زاروا دمشق السلطة برئاسة أحمد الشرع على حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية، وسط هواجس من إقصائهم.
فماذا وراء أعمال العنف هذه، وهل من يد لإسرائيل في تغذية التوتر بعد أن كشفت أن قواتها هاجمت ظهر اليوم الإثنين، عدة دبابات للقوات النظامية السورية في قرية سميع التابعة للمحافظة، وماذا عن فرص نجاح انتشار قوات الأمن في السويداء؟

اشتباكات متواصلة

لا تزال الاشتباكات متواصلة في بعض القرى في ريف محافظة السويداء الغربي، بحسب ما ذكر المرصد ومنصة السويداء 24 المحلية، الاثنين، حيث أحصى المرصد سقوط ٨٩ قتيلا في الاشتباكات المسلحة والقصف المتبادل ونحو ٢٠٠ جريح (حسب آخر تحديث للمرصد السوري أصدره مساء الاثنين).
وأكدت فرانس برس، مساء الاثنين، أن القوات الحكومية السورية معززة بدبابات وآليات ومئات المقاتلين، سيطرت على قرية المزرعة ذات الغالبية الدرزية الواقعة عند مشارف السويداء وتواصل تقدمها نحو المدينة.

وزارة الدفاع تنشر قواتها في السويداء. AFP

وقالت وزارة الدفاع من جهتها إن الاشتباكات أسفرت عن أكثر من 30 قتيلا ونحو 100 جريح.
وإثر الاشتباكات، أعلنت وزارة الدفاع أنها باشرت بنشر وحدات عسكرية بالتنسيق مع وزارة الداخلية في المناطق المتأثرة "وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وفك الاشتباكات بسرعة وحسم".
وبحسب المرصد السوري، انطلقت "شرارة الاشتباكات السبت بعد اختطاف تاجر خضار درزي من قبل مسلحي البدو الذين وضعوا حواجز على طريق السويداء - دمشق، ليتحوّل بعد ذلك إلى عملية خطف متبادلة بين الطرفين".
وقالت منصة السويداء 24 المحلية في وقت لاحق إنه تم إطلاق سراح المخطوفين من الطرفين ليل الأحد.
لكن المرصد أشار إلى أن هذه الاضطرابات الأخيرة تعود إلى "توتّر متواصل منذ اندلاع الاشتباكات ذات الخلفية الطائفية في أبريل" بين مسلحين من الدروز وقوات الأمن، في مناطق درزية قرب دمشق وفي السويداء، وشارك فيها إلى جانب قوات الأمن مسلحون من عشائر البدو في المحافظة.

"فرض الأمن"

أسفرت أعمال العنف التي اندلعت في أبريل عن مقتل 119 شخصا على الأقل بينهم مسلحون دروز وقوات أمن. وإثر هذه الاشتباكات، أبرم ممثلون للحكومة السورية وأعيان دروز اتفاقات تهدئة لاحتواء التصعيد.
واعتبرت وزارة الدفاع في بيانها الأحد أن "الفراغ المؤسساتي الذي رافق اندلاع هذه الاشتباكات ساهم في تفاقم مناخ الفوضى وانعدام القدرة على التدخل من قبل المؤسسات الرسمية الأمنية أو العسكرية، مما أعاق جهود التهدئة وضبط النفس".
واعتبر من جهته، وزير الداخلية أنس خطاب بمنشور على موقع "إكس" أن "غياب مؤسسات الدولة، وخصوصا العسكرية والأمنية منها، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة"، ورأى أن الحل "بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها بكل تفاصيلها".
وكانت وزارة الداخلية أعلنت في وقت سابق أنها ستبدأ بنشر قواتها بالتنسيق مع وزارة الدفاع. وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن هذه الاشتباكات وقعت "على خلفية توترات متراكمة خلال الفترات السابقة".
وبحسب المرصد دفعت وزارة الدفاع تعزيزات عسكرية كبيرة إلى السويداء بعيدا عن الإعلام، وأوعزت إلى وحداتها في حمص ودمشق التوجه إلى السويداء.

توتر متكرر

وفي أعقاب الاشتباكات، دعا محافظ السويداء مصطفى البكور إلى "ضرورة ضبط النفس والاستجابة لتحكيم العقل والحوار"، مضيفا "نثمن الجهود المبذولة من الجهات المحلية والعشائرية لاحتواء التوتر، ونؤكد أن الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين".
ودعت قيادات روحية درزية إلى الهدوء وحضّت سلطات دمشق على التدخل.
وتُقدّر أعداد الدروز بأكثر من مليون، يتركّز غالبيتهم في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.
يقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، شمال غرب البلاد.

إسرائيل تدخل على خط المواجهة

وظهر الإثنين، قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم "قبل قليل" عدة دبابات في المنطقة بين السيجين وسميع وهي تتحرك نحو منطقة السويداء في جنوب سوريا، وأكد أنه "هاجم هذه الدبابات لعرقلة وصولها إلى المنطقة".
وكانت إسرائيل، وبعد الاشتباكات في السويداء بأبريل، شنّت غارات جوية في سوريا وحذّرت دمشق من المساس بأبناء الطائفة الدرزية، "بحجة حمايتهم"، بحسب تعبيرها.
وفي ظلّ الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين مع حركة حماس في قطاع غزة، كثّفت إسرائيل ضرباتها على سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر.
بعد اندلاع مواجهات دامية في سوريا على خلفية طائفية في مارس، هدّدت إسرائيل بالتدخّل عسكريا في سوريا إذا أقدمت السلطات على المساس بالدروز.
وبعد اشتباكات متجدّدة في مايو، شنّت إسرائيل غارة على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال".
يقول إفرايم عنبار، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، "تشعر إسرائيل بأنها مدينة للدروز".
ويقول أندرياس كريغ، المحاضر البارز في "كينغز كولدج لندن"، إن إسرائيل لا تتحرك "بدافع إنساني تجاه الطائفة الدرزية"، بل إنها "تستخدم بوضوح (هذه الأقلية) كذريعة لتبرير احتلالها العسكري لأجزاء من سوريا".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة