أمن‎

"شبكة العنكبوت".. روسيا وقعت في فخ "الـAI ومتحف"

نشر
blinx
في الوقت الذي أعلنت فيه محادثات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا، يوم الإثنين، عن توصل الجانبين إلى اتفاق لتبادل قوائم بالأسرى، دون تحقيق أي تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب، تصاعدت حالة من الترقب إزاء رد موسكو على هجوم واسع النطاق شنته كييف في الأول من يونيو تحت اسم "بافوتينا"، أو "عملية الشبكة العنكبوتية"، والذي استهدف ٤ قواعد جوية روسية، إحداها في سيبيريا، على بُعد نحو 3000 ميل من العاصمة الأوكرانية.

طائرات مسيّرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي

وفق تقرير لموقع "كلاش ريبورت" العسكري نُشر في يوليو الماضي، كانت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية تدرب أنظمة ذكاء اصطناعي لتمكين الطائرات المُسيّرة من التعرف على "معدات العدو"، بما في ذلك القاذفات السوفيتية القديمة، باستخدام صور مأخوذة من المتاحف العسكرية.
وأوضح التقرير أن من استهانوا بهذه الجهود وجدوا الإجابة يوم الأحد، حين دمرت "عملية شبكة العنكبوت" عددا كبيرا من أسطول الطائرات الاستراتيجية الروسية، في عمق الأراضي الروسية.

تحضير استمر 18 شهرا

صحيفة "كييف بوست" نقلت عن الرئيس الأوكراني أن العملية احتاجت إلى 18 شهرًا من التحضير.
وبحسب موقع "أنتيكور" الإخباري الأوكراني، فإن خطة الهجوم بدأت منذ عام 2023، حين التقط مشغلو مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (HUR) مئات الصور للقاذفات الاستراتيجية الروسية في متحف بولتافا للطيران الثقيل، من مختلف الزوايا.
وتم استخدام هذه الصور لتطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي تُستخدم في الطائرات المُسيّرة FPV، لتمكينها من التعرف على الأهداف العسكرية والاشتباك معها بشكل مستقل.

ضربة رمزية لا تغير قواعد اللعبة

ورغم الضربة التي اعتُبرت رمزية وعميقة، إلا أن محللين قللوا من تأثيرها على قدرة روسيا على الاستمرار في الحرب، حيث يرى كثيرون أن موسكو تخوض حرب استنزاف، وهي الطريقة التي ترغب بها.
وتشير التحليلات إلى أن الأوكرانيين يواجهون صعوبات شديدة، في ظل الضربات العنيفة التي نُفذت في مناطق مثل مورمانسك وإيركوتسك، وهما منطقتان بعيدتان جدًا عن خط الجبهة.

هل واشنطن كانت على علم؟

في مقابلة حصرية مع صحيفة "فورين بوليسي"، تطرق جورج بيب، الرئيس السابق لقسم تحليل الشؤون الروسية في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، إلى احتمال معرفة واشنطن المسبقة بالهجوم، ومدى قلقها من رد روسي محتمل.
وقال إن الاستخبارات الأميركية تدرك تمامًا قلق روسيا من أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يفعل تماما ما يتهمه به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "يتحدث عن السلام بينما يدير الحرب".
وأشار بيب إلى أن الكرملين قد يرى في الأمر تلاعبا أميركيا، وقد يطالب بوتين باتخاذ رد قوي، لا سيما أن الأخير لم يتلقَ بعد تأكيدًا قاطعًا من ترامب بأن الولايات المتحدة لا تؤيد هذه الضربات.
وطرح بيب تساؤلاً مفتوحا: "هل تلتزم روسيا الصمت؟ أم ترد؟"، مؤكدًا أن الرد الروسي سيتوقف بدرجة كبيرة على طريقة تواصل إدارة ترامب مع موسكو.

لا تأثير على "الثالوث النووي"

وفي تقييمه لتأثير العملية على القدرات النووية الروسية، أو ما يُعرف بـ"الثالوث النووي" (القدرات النووية البرية والبحرية والجوية)، نفى بيب أن يكون هناك ضرر فعلي.
وأوضح أن أوكرانيا ربما دمرت ما بين ست وعشر قاذفات استراتيجية، إلا أن روسيا تملك أعدادا كبيرة منها، ولم تُمس قدراتها النووية.
وأضاف أن العملية لم تُغير التوازن الفعلي بين القدرات الصناعية والعسكرية الأوكرانية والروسية، حيث ما زالت موسكو تتمتع بتفوق مادي وهيكلي واضح.

دمار لحق بطائرات روسية في قاعدة بإقليم مورمانسك الروسي. AFP

هل كان الهدف إحراج واشنطن؟

في سياق متصل، تساءلت "فورين بوليسي" عمّا إذا كانت "عملية شبكة العنكبوت" تهدف إلى إحراج واشنطن ودفعها لاتخاذ موقف أكثر حدة تجاه موسكو، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التي طالب فيها بضرورة تشديد العقوبات الأميركية على روسيا، كوسيلة لإجبارها على الدخول في مفاوضات.
واعتبر بيب أن العملية تهدف فعلًا إلى وضع واشنطن أمام خيارات صعبة، وتُظهر ثغرات أمنية روسية كبيرة، بعد تمكن الطائرات المُسيّرة الأوكرانية من اختراق عمق الأراضي الروسية.
وفي ختام تصريحاته، شدد بيب على أهمية أن تُوضح إدارة ترامب للروس أنها لم تكن طرفًا في العملية، ولا تؤيد تكرارها، مشيرًا إلى أن ذلك قد يُسهم في تقليل فرص التصعيد، ويُعزز احتمالات التوصل إلى تسوية حقيقية تُنهي الحرب بشكل مستقر.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة