سياسة

الذكاء الاصطناعي يحرج كينيدي في تقرير "MAHA"

نشر
blinx
خلال جلسة استماع في الكونغرس لتثبيته وزيراً للصحة والخدمات الإنسانية، سُئل روبرت كينيدي الابن من قبل السيناتور الجمهوري جون باراسو عن كيفية تعامله مع تحديات النقص في الكوادر الطبية بالمناطق الريفية والنائية. جواباً على السؤال، أكد كينيدي أن الرئيس دونالد ترامب كلّفه بمواجهة هذه الأزمة عبر الذكاء الاصطناعي والطب عن بُعد.
ولتعزيز جوابه، لفت إلى أنه شاهد نموذجاً أولياً لممرضة تعمل بالذكاء الاصطناعي "لا يمكن تمييزها عن الإنسان، وتتمتع بقدرات تشخيصية تضاهي أفضل الأطباء".
غير أن هذا التوجه التكنولوجي، الذي طُرح كحل مبتكر، سرعان ما أثار جدلاً واسعاً بعد أن اتضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي لم يقتصر على تطوير الخدمات الصحية، بل شمل أيضاً إعداد تقارير حكومية، من بينها تقرير MAHA ، وهو تقرير رئيسي تبيّن لاحقاً أنه يحتوي على معلومات مغلوطة ومراجع علمية مختلقة، مما أثار شكوكاً حول مصداقية التقرير ومدى التزام كينيدي وفريقه بالمعايير المهنية والنزاهة في أداء مهامهم.

ما هو تقرير MAHA؟

تقرير MAHA، بعنوان "فلنجعل أطفالنا أصحاء مجدداً"، هو محاولة أطلقها البيت الأبيض لفهم أسباب تدهور صحة الأطفال في الولايات المتحدة، وتقديم خريطة طريق لإصلاح شامل.
أُعد التقرير بتكليف رئاسي مباشر من دونالد ترامب في 13 فبراير 2025، عبر الأمر التنفيذي رقم 14212، وشكّل لجنة من كبار مسؤولي الحكومة والخبراء العلميين برئاسة وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت كينيدي الابن.
هدف التقرير هو تشخيص جذور أزمة الأمراض المزمنة لدى الأطفال، مثل النظام الغذائي الأميركي، العوامل البيئية، السياسات الحكومية، العلاجات الطبية، وتأثير الشركات، وذلك بهدف تقديم توصيات استراتيجية واسعة للحكومة الفيدرالية خلال 180 يوماً.
ومن بين التوصيات التي يقدمها التقرير اتخاذ خطوات جذرية لمعالجة الأسباب الأساسية، لا مجرد الأعراض، تتضمن دعوة واضحة لتغيير منهجي في السياسات الصحية، الغذائية، والعلمية، وتحوّل نحو الوقاية والاستدامة، باعتبار أن صحة الأطفال اليوم هي أساس مستقبل البلاد.

عندما يكتب الذكاء الاصطناعي التقارير الحكومية

رغم الطابع الثوري للتقرير، إلا أن مراجعة أجرتها صحيفة واشنطن بوست كشفت عن استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد عدد كبير من المراجع العلمية الواردة فيه، وبعضها كان مختلقاً بالكامل.
من أصل 522 إحالة علمية في النسخة الأولية، مثلا، تكررت 37 منها عدة مرات، وتبيّن أن بعضها يحمل أسماء مؤلفين خاطئة، أو استند إلى دراسات لا وجود لها.
كذلك، استشهد التقرير بأحدى المراجع بدراسة بعنوان " الإفراط في وصف الكورتيكوستيرويدات الفموية للأطفال المصابين بالربو"، لكن عند التحقق، تبيّن أن هذه الدراسة غير موجودة.
كذلك ظهر في التقرير ما يُعرف بعلامات "oaicite"، وهي رمز برمجي يدل على أن المرجع أُنشئ عبر منصة أوبن إيه آي، ما يعني أن التقرير استند جزئياً إلى محتوى تم توليده بواسطة أدوات مثل تشات جي بي تي.

رد البيت الأبيض

عند سؤالها عن هذه الاختلالات خلال مؤتمر صحافي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن هناك "بعض المشكلات في التنسيق يتم العمل على تصحيحها"، مضيفة: "لدينا ثقة كاملة في الوزير كينيدي وفريقه. وما ورد في التقرير يمثل أحد أهم التحولات الصحية التي أصدرتها الحكومة الفيدرالية على الإطلاق".
في غضون يوم واحد، بدأ البيت الأبيض بتحديث التقرير بصمت، فتمت إزالة بعض علامات الذكاء الاصطناعي وأجزاء من الروابط الإلكترونية، لكن وثائق تحتوي على أخطاء بقيت ظاهرة حتى وقت لاحق من المساء، وفقا للواشنطن بوست.

انتقادات علمية حادة

العديد من العلماء أعربوا عن صدمتهم من سوء توثيق التقرير. قال أورن إتزيوني، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة واشنطن: "بصراحة، هذا عمل رديء... نحن نستحق أفضل من ذلك".
أما بيتر لوري، رئيس مركز "المصلحة العامة في العلوم"، فقال: "من المروع أن يلبسوا عباءة التميز العلمي وهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوليد تقرير مليء بالأخطاء"، مضيفاً أن إحدى أوراق مركزه تم الاستشهاد بها لكن نُسبت إلى وزارة الزراعة، ما أثار شكوكه منذ البداية.
أوضح ستيفن بيانتادوزي، أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، أن الذكاء الاصطناعي الحديث "غالباً ما يخترع مراجع تبدو مقنعة لكنها غير حقيقية"، مؤكداً أن ما حدث في تقرير ماها ليس مجرد حادث عرضي، بل مؤشر على ضعف الرقابة العلمية وتضخم الثقة في أدوات الذكاء الاصطناعي.

مشكلة أوسع.. ازدياد اعتماد المسؤولين على الذكاء الاصطناعي

فضيحة تقرير ماها ليست الأولى من نوعها. الشهر الماضي، وقع أندرو كومو، الحاكم السابق والمرشح الأوفر حظاً لعمدة نيويورك، في جدل مماثل بعد أن احتوى تقريره السكني على مرجع مشوّه ناتج عن استخدام تشات جي بي تي، وفقا لموقع Hell Gate.
كما واجه عدد من المحامين الأميركيين عقوبات لاستخدامهم قضايا وهمية ولّدها الذكاء الاصطناعي في مرافعاتهم القضائية، حسب ما جاء على وكالة رويترز.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة