"ورود وأعلام جديدة".. ساحة الأمويين تحتفل بـ"15 مارس"
يحيي السوريون السبت الذكرى الـ14 لاندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس السابق بشار الأسد، وذلك للمرة الأولى، بتجمعات شعبية في مدن عدة خصوصا دمشق التي تحتفل بشكل غير مسبوق منذ العام 2011.
وتأتي هذه الذكرى في وقت تواجه السلطات الجديدة تحديات عديدة تتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية وبعد يومين من إقرار الإعلان الدستوري الذي يمنح الرئيس الجديد أحمد الشرع سلطات مطلقة في إدارتها، وفق خبراء، وبعد أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري.
وتجمّع العشرات في محيط ساحة الأمويين وسط العاصمة بعد ظهر السبت استعدادا لإحياء هذه الذكرى، بما يعكس تحولّ الساحة إلى نقطة للاحتفاء بالمرحلة الجديدة، بعدما بقيت طوال أعوام النزاع رمزا لتجمعات أنصار الأسد للرد على الاحتجاجات المناهضة في مدن أخرى.
ورفع المتجمعون الأعلام السورية الجديدة، ولافتات كتب على بعضها "الثورة انتصرت"، فيما حلّق الطيران المروحي وألقى منشورات ملونة كتب عليها "لا مكان للكراهية بيننا لأن سوريا تحتاج قلوبا صافية وأياد متكاتفة".
وأغلق الأمن العام المنافذ باتجاه الساحة، ووزع ورودا على المتجمهرين، في الوقت الذي علت فيه أصوات مسجلات تبث أغان ثورية وإسلامية.
تعتبر هناء الدغري، 32 عاما، واحدة من المحتفلين في ساحة الأمويين أن "ما يجري الآن هو حلم لم أجرؤ على التفكير فيه، خرجت من دمشق منذ 12 عاما لأنني كنت مطلوبة أمنيا، ولم يكن لديّ أمل بالعودة لولا التحرير".
وتحت أشعة الشمس الحارقة، يقف عبد المنعم نمر، 41 سنة، رفقة أصدقائه الذين رفعوا علما كبيرا وصاروا يرقصون ويغنون من حوله، وقال "كنا نحتفل بذكرى الثورة في الشمال السوري، واليوم نحتفل في ساحة الأمويين وهذا نصر مبارك".
وتحت شعار "سوريا تنتصر"، دعا ناشطون إلى تظاهرات في مدن أبرزها حمص وإدلب وحماة، تأكيدا لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد بعد عقود على حكم آل الأسد.
وفي مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، تجمّع المئات كذلك احتفالا بالذكرى على وقع أناشيد دينية في ساحة في وسط المدينة، رافعين الأعلام السورية وعلم هيئة تحرير الشام، كما شاهد مصور في فرانس برس.
اعتبارا من منتصف مارس 2011 خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مطالبين بإسقاط نظام الأسد. واعتمدت السلطات العنف في قمع الاحتجاجات، ما أدخل البلاد في نزاع دامٍ تنوعت أطرافه والجهات المنخرطة فيه.
ويأتي إحياء الذكرى هذا العام للمرة الأولى من دون حكم آل الأسد الذي امتد زهاء نصف قرن، بعد أن أطاحت به فصائل المعارضة في 8 ديسمبر إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غرب البلاد في أواخر نوفمبر.
تواجه سوريا تحديات كبيرة مرتبطة بالواقع المعيشي والخدمي، فضلا عن تحديات مستجدة مرتبطة بالسلم الأهلي، ولا سيما بعد أيام من أعمال عنف دامية في منطقة الساحل أوقعت أكثر من 1500 قتيل مدني غالبيتهم علويون، قضوا على أيدي عناصر الأمن العام ومجموعات رديفة، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون في بيان الجمعة "مر 14 عاما منذ أن خرج السوريون إلى الشوارع في احتجاجات سلمية، مطالبين بالكرامة والحرية ومستقبل أفضل".
وأشار إلى أن السوريين " يستحقون الآن انتقالا سياسيا يليق" بصمودهم وسعيهم لتحقيق العدالة والكرامة، داعيا الى وقف فوري لجميع أعمال العنف وحماية المدنيين وفقا للقانون الدولي، مؤكدا على ضرورة "اتخاذ خطوات جريئة لإنشاء حكومة انتقالية وصياغة دستور جديد".
الإعلان الدستوري في سوريا
ووقع الشرع، الخميس، على إعلان دستوري من 53 مادة، حدّد المرحلة الانتقالية بـ5 سنوات، ومنح الرئيس الانتقالي سلطات مطلقة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم تبنيه في الوقت ذاته مبدأ "الفصل بين السلطات".
ويقول الأستاذ في القانون الدستوري سام دلة لوكالة فرانس برس إن الوثيقة "لا تؤسس لمرحلة سياسية جديدة" في البلاد.
وكان الأكراد الذين استبعدتهم السلطة من مؤتمرات ولجان شكلتها خلال الأسابيع الماضية، أول من سارع إلى رفض الإعلان الدستوري.
واعتبروا في بيان، السبت في ذكرى الاحتجاجات الشعبية، أن "تحقيق أهداف الثورة لا يقتصر على تغيير النظام فحسب، بل يتطلب العمل الجاد لبناء نظام جديد يعبر عن إرادة السوريين كافة".