استقالة مفاجئة.. من هدد ظريف؟
أعلن مهندس الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، عن استقالته مساء الأحد، ما أثار علامات استفهام، زادها بتغريدة تحدث فيها عن "تعرضه إلى ضغوط كبيرة وتهديدات في الأشهر الأخيرة".
استقالة ظريف تأتي بعد إقالة وزير الاقتصاد والشؤون المالية عبد الناصر همتي وسط تصاعد التوترات بشأن الأزمة الاقتصادية المستمرة في إيران.
وعيّن بزشكيان الذي تولى السلطة في يوليو، ظريف في منصب نائب الرئيس المعني بالشؤون الاستراتيجية في الأول من أغسطس، لكن ظريف استقال بعد أقل من أسبوعين على ذلك قبل أن يعود إلى المنصب في وقت لاحق من الشهر ذاته.
والاثنين قال ظريف في تغريدة على منصة "إكس"، إنه واجه "إهانات وتهديدات ضده وضد أسرته" وهو ما أجبره على تقديم استقالته.
وتابع: "واجهت أكثر الإهانات والتهديدات سخافة ضدي وضد عائلتي في الأشهر الستة الماضية، وحتى داخل الحكومة، (..) وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، تحملت الكثير من الإهانات والافتراءات بسبب الدور الصغير الذي لعبته في تعزيز المصالح الوطنية، من إنهاء الحرب المفروضة إلى إنهاء القضية النووية. كما طاردتني سيل من الأكاذيب والتشويهات لضمان عدم الإضرار بمصالح البلاد".
وأشار بعد حديثه عن التهديدات والإهانات إلى أنه زار رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، وخلال اجتماعه معه، نصحه (إيجئي) بأنه "نظرا لظروف البلاد، يجب أن يعود إلى (التدريس في) الجامعة لتجنّب المزيد من الضغوط على إدارة" بزشكيان.
وأعرب ظريف في منشوره، عن أمله أن يتم، من خلال تركه لمنصبه، تجريد أولئك، الذين يعوقون تحقيق "إرادة الشعب ونجاح الإدارة"، من أعذارهم.
ورئيس السلطة القضائية في إيران هو أحد المناصب العليا في النظام السياسي الإيراني، ووفقاً للدستور الإيراني، فإن رئيس السلطة القضائية يتبع بشكل مباشر للمرشد الإيراني وهو أعلى سلطة في البلاد.
انتكاسة للرئيس المعتدل بزشكيان؟
وقدم ظريف استقالته إلى الرئيس مسعود بزشكيان، في انتكاسة جديدة للرئيس المعتدل المحافظ بعد 7 أشهر فقط من توليه المنصب.
جاء قرار ظريف عقب تصويت البرلمان بـ182 صوتا من أصل 273 لصالح إقالة وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، وهو شخصية معتدلة ورئيس سابق للبنك المركزي، الأحد، وذلك وسط تصاعد التوترات بشأن الأزمة الاقتصادية المستمرة في إيران وارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد، وفق أسوشيتد برس.
وشهد الريال الإيراني تراجعا حادا أمام العملات الأجنبية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، حيث يكافح العديد من الإيرانيين لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأصبح اللحوم والأسماك من الكماليات.
تولى ظريف حقيبة الخارجية بين العامين 2013 و2021 في عهد الرئيس الإيراني الأسبق المعتدل، حسن روحاني، كان قريبا من الإصلاحيين، لكن من دون أن يكون منتميا لأيّ جناح.
وكان ظريف شخصية بارزة في الحملة الانتخابية لبزشكيان، وقد أدّى دورا رئيسيا في فوز الرئيس الجديد.
وظريف هو مهندس الاتّفاق النووي الذي أبرمته إيران في 2015 مع المجتمع الدولي بهدف تخفيف العقوبات المفروضة عليها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
لكنّ الاتفاق بدأ في الانهيار في 2018، عندما انسحبت منه الولايات المتحدة في ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، والذي أعاد فرض عقوبات على إيران.
الاستقالة الثانية لظريف منذ توليه منصبه
وسبق أن استقال ظريف في أغسطس 2024 بعد 11 يوما فقط من توليه منصبه، مشيرا إلى خلافات مع بزشكيان حول تشكيل حكومته المحافظة. لكنه عاد لاحقا إلى منصبه، ليعلن استقالته مجددا وسط هذه الأزمة السياسية الأخيرة.
وسائل إعلام إيرانية ألمحت إلى أن استقالة ظريف تعود لتعرضه لانتقادات لأن اثنين من أبنائه يحملان الجنسية الأميركية، فيما يصر منتقدوه على أن تعيينه يتعارض مع قانون عام 2022 الذي يمنع الأفراد الذين لهم علاقات مع الغرب من شغل مناصب عليا.
وأشارت مصادر إيرانية إلى أن استقالة ظريف الحالية ليست طوعية وليست حيلة لكسب النفوذ، كما أن مسؤولا رفيعا طلب من الرئيس بزشكيان بنصح ظريف بالتنحي، في إشارة إلى القانون المثير للجدل. وبحسب المطلعين، طلب بيزشكيان من المسؤول بنقل التعليمات مباشرة إلى ظريف. وبعد اجتماع مع المسؤول المعني، وافق نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية على مضض، وتحت ضغط من المكتب الرئاسي، على تقديم استقالته، بحسب موقع أمواج ميديا الإيراني.