"بوتين الروماني".. نجم انتخابي جديد والفضل لـTikTok

كالين جورجيسكو، البالغ من العمر 62 عاما، هو سياسي مستقل روماني أحدث مفاجأة كبيرة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وُلد في بوخارست في 26 مارس 1962، وحصل على درجة الدكتوراة في علوم التربة من معهد "نيكولاي بالتشيسكو" الزراعي. بدأ مسيرته المهنية كمتخصص في الشؤون الزراعية والتنمية المستدامة وشغل مناصب عدة، منها المدير التنفيذي للمركز الوطني للتنمية المستدامة في رومانيا ورئيس مركز الأبحاث الأوروبية لنادي روما، وفقا لما ذكره موقع أخبار برو تي في الروماني.

جورجيسكو، الذي يُعرف بشعاره "حزبي هو الشعب الروماني"، خاض الانتخابات دون دعم حزبي أو إنفاق مالي، معتمدًا بالكامل على منصات التواصل الاجتماعي لجذب دعم الناخبين.

حصل على 22.95% من الأصوات في الجولة الأولى، متصدرًا السباق الرئاسي بشكل غير متوقع، مقابل 19.55٪ للمرشح عن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين ورئيس الوزراء المؤيد لأوروبا مارسيل شيولاكو، و18.84٪ للمرشحة عن الحزب الليبرالي اليميني الإصلاحي إيلينا لاسكوني.

أثارت مواقفه السياسية الجدل، فهو ينتقد بشدة علاقات بلاده مع الغرب، وعضوية رومانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي، مع دعوات لعقد تحالفات جديدة مع روسيا، كما يُعرف جورجيسكو أيضًا بآرائه المحافظة والدينية التي أثارت الجدل بين مؤيديه ومعارضيه على حد سواء.

اعتمد جورجيسكو، ذو الشعر الفضي والمظهر الأنيق، بشكل كامل على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، كمنصة لحملته الانتخابية. بالرغم من اعتراضات السلطات الانتخابية، التي طلبت منه حذف فيديوهاته، انتشرت على حسابات أخرى مؤيدة له مقاطع الفيديو التي تُظهره وهو يمارس الجودو كما يفعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يركض بسهولة على المضمار، ويركب حصاناً أبيض مرتدياً قميصاً رومانيًا تقليديًا.

استطاع جورجيسكو، بحسابه على تيك توك الذي يحظى بأكثر من 350 ألف متابع وأكثر من 4.2 مليون إعجاب، استقطاب شريحة واسعة من الناخبين الرومان، مستفيدًا من أسلوب خطابي مشابه للأسلوب الذي اشتهر به المؤثر المثير للجدل أندرو تيت.

أما على مستوى صورته الشخصية، ظهر جورجيسكو وهو وهو يمارس رياضة الجودو ويركب الخيل ذكرت الكثير من متابعيه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي يُعرف أيضا بشغفه برياضة الجودو وركوب الخيل.

هذه المقارنة لم تكن صدفة، فقد أظهر جورجيسكو إعجابه ببوتين، واصفاً إياه بأنه "رجل يحب بلاده"، وداعياً إلى تحالف روماني-روسي.

كما هو الحال مع العديد من الشخصيات الشعبوية اليمينية في أوروبا، مثل جوردان بارديل في فرنسا ونايجل فاراج في بريطانيا، استغل جورجيسكو سخط الناس على المؤسسات التقليدية التي انشغلت باتهام بعضها بالفساد وسوء الإدارة، مما منح جورجيسكو فرصة الظهور كمنقذ ضد الطبقة السياسية، حسب ما تشرح صحيفة بوليتيكو.

انتقد انضمام رومانيا إلى حلف الناتو، وشكك في تدخله لمساعدة بوخاريست في حال تعرضها لهجوم خارجي. كما دعا إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا زاعما أن فلوديمير زيلينسكي "سيئ لبلده".

وصف القواعد العسكرية الأميركية بأنها "عار وطني" وتؤجج الصراعات في المنطقة. كما ألقى الضوء على ما اعتبره استغلالًا غربيًا لثروات بلاده.

هذه الرسائل جذبت الناخبين الراغبين في التغيير، حيث حصل جورجيسكو على دعم أكثر من ثلث الناخبين، متحديًا الهيمنة الغربية وداعيًا إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.

ونظرا لخبرته في الشؤون الزراعية والطاقية، جعل السياسات المتعلقة بها محورًا هامًا في خطابه حيث أشار إلى أن المصالح التجارية الأجنبية تُخدع رومانيا، مما يجبرها على استيراد الغذاء رغم أن ثرواتها الطبيعية يجب أن تمكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي.

كان فوز جورجيسكو في الجولة الأولى بمثابة صدمة سياسية كبيرة، لأنه لم يستخدم مقرا انتخابيا بشكل رسمي ليدلي منه بتصريحات لوسائل الإعلام التي اضطرت للانتظار أمام منزله لتوجيه الأسئلة.

في حال فوز جورجيسكو في الجولة الثانية من الانتخابات، سيمثل ذلك تحولًا جذريًا في سياسة رومانيا الخارجية والداخلية، حيث قد تسحب رومانيا دعمها لأوكرانيا تعيد توجيه علاقتها بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

مع اقتراب الجولة الحاسمة في 8 ديسمبر، سيواجه جورجيسكو منافسته الليبرالية إلينا لاسكوني، لكن فوزه المحتمل يُثير القلق بين حلفاء رومانيا الغربيين. فقد أدانت شخصيات بارزة، مثل عضو البرلمان الأوروبي سيفريد موريسان، صعود جورجيسكو واعتبرته جزءًا من "الحرب الهجينة الروسية ضد الديمقراطية الأوروبية".