كيف يحمي علي "زيتونه" الأردني من الخطر؟

تحتل الأردن المركز العاشر على مستوى العالم في حجم إنتاج الزيتون، وفقا لمجلس الزيتون العالمي.

ويبلغ معدل إنتاج المملكة من ثمار الزيتون خلال السنوات الأخيرة حوالى 50 ألف طن سنويا، وحوالي 25 ألف طن من زيت الزيتون.

ويساهم هذا الإنتاج بحوالي 120 مليون دينار (169 مليون دولار) في الدخل القومي ويعيل حوالي 80 ألف أسرة.

ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الأردن، العضو في مجلس الزيتون العالمي، نحو 11 مليون شجرة تعادل حوالى 20٪ من مجمل المساحة المزروعة.

وعاشت أشجار الزيتون المعمرة في هذا البلد منذ آلاف السنين تمكنت خلالها من مقاومة الظروف والتغييرات المناخية وبقيت جزءا من هوية المملكة وثقافتها.

باتت الأشجار مهددة بالقطع الجائر بسبب التوسع العمراني، أو التحطيب، أو البيع لأغراض الزينة أو التدفئة.

ويحاول الأردن من خلال "المركز الوطني للبحوث الزراعية" حماية هذه الأشجار، التي"تواجه مخاطر أهمها أن تصبح سلعة، فهي منذ زمن محط أنظار الفنادق والفلل ورجال الأعمال والشركات"، بحسب المدير العام للمركز نزار حداد.

ويوضح حداد أن هؤلاء "يحبون أن يضيفوا شيئاً من العراقة على مؤسساتهم فيشترون مثل هذه الأشجار وينقلونها، ما يعرضها إلى الاندثار لأن عمليات النقل هذه لا تنجح إذا لم يقم بها خبراء".

ويشير حداد إلى أن "التشريعات الأردنية الجديدة تحمي هذه الأشجار من الاقتلاع والنقل، وهناك تنسيق بين وزارة الداخلية ومركزنا وشرطة السير حتى لا يُسمح بعمليات النقل إلا في حالات استثنائية جداً تحت إشراف مركزنا ووزارة الزراعة".

يلفت حداد إلى رمزية شجرة الزيتون الدينية بالنسبة للمسلمين والمسيحيين، مؤكدا أن "هناك رمزية عالية جدا لشجرة الزيتون في الدين المسيحي، فالسيد المسيح في أسبوع الآلام أمضى الساعات الأخيرة مصلياً في جبل الزيتون".

يضيفك "في القرآن الكريم، هي إحدى الأشجار التي حلف الله بها عندما قال والتين والزيتون".

ويؤكد حداد أنه "لابد من المحافظة عليها حتى تبقى مصدر إلهام للمجتمع خصوصاً وأنها من النوع القادر على التكيف مع كل التحديات البيئية التي تواجهها ليس فقط منطقتنا بل العالم".

ويشير إلى أن أشجار الزيتون المعمرة والتي يطلق عليها اسم "المهراس" الآن كانت تسمى بـ"الزيتون الرومي لأنها من أيام الرومان الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة قبل الفتح الإسلامي".

هناك تجمعات لهذه الأشجار المعمّرة في الأردن، بينها تجمعان كبيران في شمال المملكة في إربد وعجلون وجرش (شمال المملكة)، وأخرى أصغر في الطفيلة والكرك (جنوب)، بحسب حداد.

ويشير إلى الاعتقاد السائد بأن الرومان جلبوا أشجار الزيتون إلى المنطقة من أوروبا، لكنه يقول إن البحوث أثبتت أن الأشجار الموجودة في منطقة المشرق العربي (الأردن وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية) هي أصل أشجار الزيتون في إيطاليا وإسبانيا وقبرص.

ويقول حداد "فك الشفرة الوراثية والخارطة الجينية لها بيّن أن العكس هو الصحيح، وأنها نُقلت من الأردن باتجاه إسبانيا وإيطاليا وقبرص".

ويوضح أن هذا يعني أن "الأشجار المعمرة لدينا هي أصل لصنفين مهمين في العالم لانتاج زيت زيتون الفرونتويو والمانزانيلو ونحن سعداء بأن المجلس الدولي للزيتون اعتمد نتائج هذا البحث".

ومن جهته، قال رئيس جمعية "المهراس" التعاونية عامر الغرايبة، إن جمعيته تتعاون مع وزارة الثقافة لإعداد ملف لإدراج الأشجار المعمرة على لائحة التراث العالمي غير المادي لليونسكو "ما سيسهم في المحافظة عليها وحمايتها من الإعتداءات".

يعمل الأردن على تعزيز دور المجتمع في الحفاظ على أشجار الزيتون وعلاقته بها، بوضع رمز للمسح (كيو آر كود) على كل عبوة زيت زيتون منتجة من هذه الأشجار.

ويوضح حداد أن هذا الرمز الذي يُقرأ إلكترونيا "يعطيك مكان الشجرة واسم صاحبها وتاريخها وجودة الزيت وعمر الشجرة..هكذا لا نبيع فقط زيت زيتون وإنما نبيع قصة مربوطة نسوق من خلالها لهذا البلد بشكل كامل".

ويخلص إلى أنه "من الصعب بمكان أن تزور منزلاً في إربد أو السلط أو عجلون أو جرش أو الطفيلة ولا تجد في كل حديقة شجرة زيتون، هي شجرة مباركة والأب يفتخر بإعطاء بناته من زيته وزيتونه".