نتنياهو وترامب يغلقان باب الهدنة.. ما خطتهما لغزّة؟
تخلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، فيما يبدو عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مع حركة حماس، وقال كلاهما إنه أصبح من الواضح أن الحركة الفلسطينية لا تريد التوصل لاتفاق، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
في المقابل، أعلن فرنسا أنها ستصبح أول قوة غربية كبرى تعترف بدولة فلسطينية مستقلة.
وعبرت الدول الغربية على مدى عقود عن التزامها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في نهاية المطاف، لكنها قالت إن هذه الدولة يجب أن تنشأ عن عملية سلام تفاوضية.
ذكر نتنياهو أن إسرائيل تدرس الآن خيارات "بديلة" لتحقيق أهدافها المتمثلة في إعادة الرهائن من غزة وإنهاء حكم حركة حماس في القطاع، حيث ينتشر الجوع ويعيش معظم السكان مشردين وسط دمار واسع النطاق.
وأشار ترامب إلى اعتقاده أن قادة الحركة "سيُلاحقون" الآن، وقال للصحفيين في البيت الأبيض "حماس لم تكن تريد التوصل إلى اتفاق. أعتقد أنهم يريدون الموت. وهذا أمر سيئ للغاية. لقد وصل الأمر إلى نقطة لا بد فيها من إنهاء المهمة".
وبدت التصريحات وكأنها تغلق الباب، على الأقل في المدى القريب، أمام استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الدولية من تفاقم الجوع في قطاع غزة الذي يعاني من ويلات الحرب.
فرنسا تعترف بالدولة الفلسطينية
وفي رد فعل على تدهور الوضع الإنساني في غزة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الليل أن باريس ستصبح أول قوة غربية كبرى تعترف بدولة فلسطينية مستقلة.
وقالت بريطانيا وألمانيا إنهما ليستا مستعدتين بعد لاتخاذ هذه الخطوة.
لكن ترامب رفض خطوة ماكرون قائلا "ما يقوله لا يهم". وأضاف للصحفيين في البيت الأبيض "إنه رجل جيد جدا، يعجبني.. لكن هذا التصريح ليس له أي أهمية".
وكانت إسرائيل والولايات المتحدة سحبتا وفديهما من محادثات وقف إطلاق النار في قطر أمس الخميس، وذلك بعد ساعات قليلة من تقديم حركة حماس ردّها على مقترح الهدنة.
وذكرت مصادر في بادئ الأمر أن انسحاب الوفد الإسرائيلي كان بهدف التشاور، ولا يعني بالضرورة أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.
لكن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في وقت لاحق أشارت إلى تشدد الموقف الإسرائيلي خلال الليل.
وحمّل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف حركة حماس مسؤولية جمود المفاوضات، وقال نتنياهو إن ويتكوف "على صواب".
وقال باسم نعيم، القيادي في حماس، على فيسبوك إن المحادثات كانت بنّاءة لكنه انتقد تصريحات ويتكوف، واصفا إياها بأنها محاولة للضغط بالنيابة عن إسرائيل.
وأوضح نعيم أن ما قدّمه وفد التفاوض بكل وعي وإدراك لتعقيد المشهد، كان سيؤدي إلى صفقة، لو كان لدى إسرائيل إرادة لذلك، لكن الكرة الآن في ملعب إسرائيل وداعميها.
وينص مقترح الهدنة على وقف القتال لمدة 60 يوما والسماح بدخول مساعدات إنسانية إضافية إلى غزة إلى جانب إطلاق سراح عدد من الرهائن المتبقين، وعددهم 50، مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
لكن تنفيذ المقترح تعثّر بسبب خلاف حول مدى انسحاب القوات الإسرائيلية والمستقبل بعد مضي فترة الستين يوما في حالة عدم التوصل إلى اتفاق دائم.
ترحيب بن غفير ودعوة لاحتلال غزة
ورحب وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير بالخطوة التي أقدم عليها نتنياهو، ودعا إلى وقف كامل للمساعدات إلى غزة والاستيلاء الكامل على القطاع. وأضاف في منشور على منصة إكس "الإبادة الكاملة لحماس، وتشجيع الهجرة، والاستيطان اليهودي".
تقول وكالات إغاثة دولية إن هناك مجاعة في الوقت الراهن بين سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة مع نفاد المخزونات وقطع إسرائيل كل الإمدادات للقطاع في مارس والسماح ببعضها في مايو لكن بقيود جديدة.
وقال الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة إنه وافق على السماح للدول بإيصال مساعدات عبر الإسقاط الجوي لقطاع غزة. ورفضت حركة حماس الخطوة ووصفتها بأنها حركة استعراضية.
وقال إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامي للحكومة في غزة "القطاع لا يحتاج إلى استعراضات جوية، بل إلى ممر إنساني مفتوح وشاحنات إغاثة تتدفق يوميا لإنقاذ ما تبقى من أرواح الأبرياء المحاصرين المجوعين".
وقالت السلطات الطبية في قطاع غزة إن 9 فلسطينيين آخرين توفوا على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب سوء التغذية والجوع الشديد. وتوفي العشرات في الأسابيع القليلة الماضية مع تفاقم أزمة الجوع في القطاع.
وتقول إسرائيل إنها تسمح بدخول ما يكفي من الطعام للقطاع وتتهم الأمم المتحدة بالإخفاق في توزيعه، في ما قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية اليوم الجمعة إنه "حيلة متعمدة لتشويه سمعة إسرائيل".
وتقول الأمم المتحدة إنها تعمل بأقصى كفاءة ممكنة في ظل القيود الإسرائيلية.
وقالت وكالات تابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة إن إمدادات الأغذية العلاجية المتخصصة التي يمكن أن تنقذ أرواح الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد تنفد من القطاع.
وقال مسؤولون فلسطينيون في قطاع الصحة إن الضربات الجوية والقصف بالنيران الإسرائيلية أسفر عن مقتل 21 على الأقل في أنحاء القطاع اليوم الجمعة من بينهم 5 قتلوا في غارة على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.
وشيع فلسطينيون في المدينة جثمان الصحفي آدم أبو هربيد في جنازة عبر الشوارع وهو ملفوف في كفن أبيض وعليه سترة زرقاء تحمل بوضوح كلمة "صحافة" باللغة الإنجليزية بعد أن قتل خلال الليل في هجوم إسرائيلي على مخيم للنازحين.
وقال محمود عوضية، وهو صحفي آخر حضر الجنازة، إن الإسرائيليين يتعمدون استهداف الصحفيين. وتنفي إسرائيل أنها تستهدف الصحفيين عمدا.