إيرانيون يتجنبون الضربات الإسرائيلية بـ"مجموعات الواتساب"
مع تصاعد الهجمات الجوية الإسرائيلية على إيران، تسود حالة من الارتباك والقلق بين المواطنين الذين يفتقرون لأي توجيه رسمي واضح حول كيفية التصرف، وأين يمكنهم الاحتماء، وما إذا كانت أحياؤهم آمنة.
وفي ظل غياب المعلومات الدقيقة وكثرة الشائعات، بدأ الإيرانيون يعتمدون على بعضهم البعض، يتبادلون النصائح والمعلومات الأمنية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
" لم أتلقَّ أي توجيهات رسمية"
يقول إليا، 28 عاماً، من مدينة كرج قرب طهران، في رسالة نصية: "أكبر مخاوفي حالياً هي التسربات الإشعاعية وقصف المناطق التي تضم منشآت نووية. لم أتلقَّ شخصياً أي توجيهات رسمية".
إليا، الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل لدواعٍ أمنية، ليس الوحيد الذي يعيش حالة القلق هذه. فمنذ بداية الهجمات الإسرائيلية المفاجئة يوم الجمعة، برزت بوضوح هشاشة استعدادات إيران لحرب شاملة، لا سيما نقص الملاجئ، غياب صافرات الإنذار الفعالة، وعدم وجود خطط طوارئ معلنة.
في مواجهة هذا الفراغ الرسمي، لجأ فنانون وموسيقيون وطهاة ومؤثرون إيرانيون إلى نشر رسومات ومعلومات على إنستغرام وتلغرام، تحت عناوين مثل "ماذا تفعل إذا كنت في المترو أثناء الغارة" أو "كيف تشرح الحرب للأطفال".
لكن حتى هذه المبادرات الفردية تواجه تحديات، إذ يصعب التحقق من دقتها. يقول إليا: "أشاهد الكثير من القصص على إنستغرام تحتوي على معلومات، لكنها دون مصادر واضحة ومتفرقة. لا أعرف بصراحة أيها صحيح وأيها غير دقيق، الجميع لديه رأي مختلف".
في مجموعات العائلة على واتساب، تكررت حالات الارتباك. النساء الإيرانيات الأكبر سناً عدن بذاكرتهن إلى سنوات الحرب مع العراق في الثمانينات، وقدّمن نصائح مثل التمييز بين صوت القصف وصوت المضادات الجوية، في محاولة لطمأنة الأبناء والأحفاد.
إلا أن كثيرين واجهوا صعوبة في الاتصال بالإنترنت وسط تدهور الشبكة وقيود الاتصالات المتزايدة.
وبينما دخلت الهجمات يومها الرابع، أعلنت الحكومة الإيرانية اتخاذ إجراءات لحماية السكان. وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية: "المساجد مفتوحة كملاجئ للجميع، وابتداءً من الليلة، ستُفتح محطات المترو أيضاً لتوفير أماكن آمنة للسكان على مدار الساعة".
وأضافت أن العديد من المدارس يمكن أن تُستخدم كملاجئ كذلك. لكن هذه التصريحات لم تُطمئن الشارع الإيراني، فقد ظهرت طوابير طويلة أمام محطات الوقود في طهران، وتكدست الشوارع بالسيارات في مشاهد هروب جماعي من العاصمة.
في مدينة أصفهان، إحدى المدن التي استهدفتها الحملة الإسرائيلية، حاولت فرنكيس، وهي امرأة في السبعين من عمرها، إقناع صديقة لها بمغادرة المدينة إلى قرية جنوبية أكثر أماناً.
تقول: "قلت لها، مثل المرة السابقة"، في إشارة إلى الحرب مع العراق، حين اضطرتا للهروب من القصف.
لكن صديقتها رفضت، موضحة أنها لا تستطيع ترك أبنائها وأحفادها الذين لا يزالون ملتزمين بالمدارس والعمل، إذ لم تُعلن السلطات أي قرارات واضحة بشأن التعطيل.
وسط هذا المشهد المتأزم، يعيش الإيرانيون بين واقع قصف متواصل وغموض رسمي، في وقت تُختبر فيه قدرة المجتمع المدني على تعويض غياب الدولة في لحظات الخطر. أما السؤال الأهم الذي يتردد في الشوارع والمنازل فهو: "إلى أين نذهب؟ وماذا علينا أن نفعل؟".