نتنياهو تخلى عن التردد.. "عقيدة أمنية جديدة" تقود حروب إسرائيل
الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران هذا الأسبوع كشف بوضوح تحوّلا كبيرا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية. الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية، واغتيال عدد من كبار الضباط والعلماء الإيرانيين، أظهرت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يعد مقيدًا بالتحفظات التي كبلته سابقًا، بحسب
تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
وبحسب محللين في شؤون الشرق الأوسط، فإن هذه الضربة تمثل انتقالا من سياسة "الاحتواء وضبط النفس والحروب القصيرة"، إلى نهج يرتكز على استخدام القوة لفرض الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، تبدّلت حسابات إسرائيل الأمنية. تقول دانا سترول، مسؤولة سابقة في وزارة الدفاع الأميركية: "في بيئة ما بعد 7 أكتوبر، بات واضحا أن إسرائيل لم تعد تتسامح مع المخاطر الوجودية كما كانت من قبل".
خلال الـ20 شهرًا الماضية، نفّذت إسرائيل ضربات جوية منتظمة في لبنان وسوريا، واحتلت مناطق حدودية ضمن ما تسميه "عقيدة أمنية جديدة".
في قطاع غزة، يصرّ نتنياهو على استمرار الحملة العسكرية حتى القضاء الكامل على حماس، في مؤشر على استعداد إسرائيل لخوض صراع طويل الأمد. هذا التوجه كُرّس هذا الأسبوع عندما أمر نتنياهو بضربة مفاجئة على إيران، رغم وجود مفاوضات نووية كانت جارية.
وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن الضربة استهدفت مواقع نووية وعسكرية رئيسية، واغتالت ما لا يقل عن 12 قياديا. ووفقًا لهم، فإن "البرنامج النووي الإيراني بلغ نقطة اللاعودة"، وهو ما دفع إسرائيل للتحرك.
لكن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية لم ترَ بعد أن إيران اتخذت قرارًا سياسيًا بإنتاج سلاح نووي.
يشير محللون إلى تغير في شخصية نتنياهو نفسه. آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مستشارًا لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين، قال: "نتنياهو كان مترددًا دائمًا في استخدام القوة الآن بات مستعدًا للمخاطرة".
ولمّا اغتالت الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني عام 2020، رفض نتنياهو المشاركة. أما اليوم، فقد أطلق عملية "الأسد الصاعد"، دون الرجوع لأي حلفاء.
طهران ترد: لا مفاوضات وتحذيرات غربية
في المقابل، أعلنت إيران إلغاء جولة مفاوضات كانت مقررة مع واشنطن في سلطنة عمان، متهمة الولايات المتحدة بالتواطؤ في الهجوم. كما حذرت من استهداف أي قواعد أو سفن حربية لدول تتعاون مع إسرائيل، ما ينذر بتصعيد قد يجرّ واشنطن إلى الصراع.
مسؤولون إسرائيليون: "لم يعد هناك مَن يردعنا"
يقول داني سيترينوفيتش، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن غياب التهديد من سوريا، وتراجع حماس، وشلل حزب الله، منح إسرائيل قدرة أكبر على التحرّك بحرية. لكنه حذّر من غياب خطة بعيدة المدى: "إذا توسّعنا إلى قطاع الطاقة الإيراني، ودخلنا حرب استنزاف... ماذا بعد؟ ما هي الخطة؟".