"الرجل الذي أضاع مدينتين".. ماذا تعني إقالة كيسيل في سوريا؟

لا يحظى كيسيل بشعبية كبيرة في روسيا، وخاصة في المدونات العسكرية التي تتابع أحداث الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك الأحداث في سوريا.

ورغم ذلك يتمتع كيسيل بثقة وزارة الدفاع الروسية، التي أسندت له مهمة قيادة جيش دبابات الحرس الأول الروسي، في منطقة خاركيف بأوكرانيا.

وفي أواخر عام ٢٠٢٢، كان كيسيل مخولا بمهمة السيطرة على خاركيف بجيش الدبابات، لكن القوات الأوكرانية نجحت في التصدي لتلك الهجمة، وشنت هجوما مضادا على القوات الروسية.

وبهذه الطريقة أضاع كيسيل وقتها فرصة مدينة خاركيف بالنسبة لروسيا، ليتكرر الأمر بصورة مختلفة في مدينة حلب السورية التي سيطرت عليها قوات هيئة تحرير الشام والفصائل السورية المسلحة.

بعد فشله في مهمة خاركيف، تحول كيسيل إلى قيادة القوات الروسية المتمركزة في سوريا، والتي تهدف إلى منع المتمردين من السيطرة على البلاد.

لكن قوات كيسيل الروسية، تلقت ضربة موجعة مع الجيش السوري، حيث باغتت الفصائل المسلحة بهجمات عنيفة ومتتالية، في معارك استمرت ١٠ ساعات متتالية، انتهت بالسيطرة على أجزاء شاسعة من حلب، قبل أن يُعلن السيطرة على ثاني أكبر مدن سوريا بالكامل، في وقت لاحق.

ووجه اللوم إلى كيسيل، بقدر ما وجه إلى الجيش السوري، حيث فشلت القوات الروسية في صد الهجوم، رغم قيامها بشن غارات جوية، لكنها لم تكن كافية لمنع تقدم المسلحين وسيطرتهم على حلب.

وكتبت مدونة "فويني أوسفيدوميتيل" عن كيسيل: "كان من المفترض أن يكشف عن مواهبه العسكرية في سوريا، لكن مرة أخرى، شيئا ما أعاقه".

وقالت قناة "رايبار" إن وزارة الدفاع الروسية، اعتادت منح فرصة قيادة القوات في سوريا، كنوع من أنواع "غسل السمعة" للجنرالات الذين فشلوا في مهمات ضخمة، قبل أن يثبت كيسيل فشله مجددا.

تفاعلا مع الأحداث المتلاحقة في سوريا، أعلن الجيش الروسي، الأحد ١ ديسمبر، قيامه بأعمال عسكرية لمساعدة الجيش السوري داخل أراضيه ضد الفصائل المسلحة.

الجيش الروسي قال إنه يعمل في ٣ محافظات بشمال سوريا، في إطار دعم موسكو لإدارة الرئيس بشار الأسد، وجاء في البيان: "تساعد القوات الجوية الروسية، الجيش العربي السوري في صد العدوان الإرهابي في محافظات إدلب وحماة وحلب".

وذكر الجيش الروسي إنه قام بتنفيذ ضربات صاروخية وقصف على أماكن تجمع فيها مسلحون أو ضمت معدات عسكرية، مع التأكيد على تصفية نحو ٣٢٠ مسلحا على الأقل.

وفي وقت سابق خلال الأسبوع الماضي، أعلنت روسيا قصف مواقع للفصائل المسلحة في سوريا، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن موسكو استخدمت مقاتلات لضرب أجزاء في حلب لأول مرة منذ ٢٠١٦.

وتعمل روسيا على تقديم الدعم الدبلوماسي كذلك لبشار الأسد، حيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية، السبت ٣٠ نوفمبر، إجراء مباحثات هاتفية بين الوزير سيرجي لافروف، ونظيره التركي هاكان فيدان، بشان الوضع في سوريا.

وكشفت الخارجية الروسية عن اتفاق مع نظيرتها التركية على ضرورة تنسيق الجهود المشتركة لاستعادة الاستقرار في سوريا، بعد الإعراب عن قلقهما من تدهور الأوضاع هناك.

وقالت مصادر في الجيش السوري، لوكالة "رويترز" إن موسكو وعدت بإرسال المزيد من المساعدات العسكرية الإضافية، والتي ستبدأ في الوصول خلال الأيام الثلاثة الأولى لشهر ديسمبر الجاري.

أما الفصائل السورية فقد حملت روسيا نتيجة الهجوم الأخير الذي شنته، إذ قالت إنها ترد على الضربات الروسية المتزايدة، واتهمت موسكو بقتل المدنيين في مناطق بإدلب.

يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الحفاظ على استمرار الرئيس السوري بشار الأسد في موقعه، بسبب كونه "شريكا رئيسيا"، وفقا لما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية إن بقاء الأسد يعني استمرار سيطرة روسيا على القواعد البحرية والجوية في سوريا، التي تمنحها حضورا قوية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط.

واعتمدت إدارة الأسد لسنوات على المساعدات الروسية العسكرية، ومنح القوات العسكرية داخل أراضيه ميزات إضافية، من أجل مساعدته على صد هجمات الفصائل المسلحة.

وأشار التقرير إلى أن موسكو تعمل على تكثيف دعمها لحكومة الأسد التي تواجه أكبر تهديد لوجودها منذ سنوات، بعد نجاح الفصائل المسلحة في السيطرة على ثاني أكبر مدن سوريا على الإطلاق.