صراعات
.
اخر تحديث منذ عام واحدما إن تتوجه إلى بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان، حتى ترى أمامك خياما منتشرة داخل مساحات خضراء زراعية.
عند مدخل البلدة من ناحية منطقة برج الملوك، يتمركز نازحون سوريون لم يغادروا المنطقة رغم خطر الاشتباكات المستمرة منذ 10 أشهر بين حزب الله وإسرائيل.
هناك، الخطر كبير، وبينما غادر اللبنانيون منها تفاديا للقصف والموت، نجد أن النازحين السوريين هم الوحيدون الذي بقوا في منطقة التوتر.
قصص عديدة رصدتها بلينكس لأحوال النازحين السوريين في جنوب لبنان، وما سلط الضوء عليهم بشكل أكبر هي الاستهدافات الإسرائيلية التي تعرضوا لها، منها قصف بلدة وادي الكفور بالنبطية، والتي قُتل فيها 10 سوريين بينهم نساء وأطفال في غارة جوية استهدفت سكنهم داخل منشأة صناعية، وآخر هذه الاستهدافات كانت فجر 21 أغسطس 2024.
تفاصيل معاناة النازحين السوريين في جنوب لبنان كثيرة وعديدة.. فكيف يعيشون في منطقة الحرب؟ وماذا قالوا عن تجربتهم تحت القصف؟
فجر 17 أغسطس 2024، انتهت حياة عائلة سورية بأكملها في لبنان بغارة النبطية.
في بلدة بلاط في جنوب لبنان، كانت المقابر مفتوحة لدفن عائلة محمد إبراهيم عبد الدائم، 35 عاما، وزوجته مروى عبد الجواد عبد الدائم، 30 عاما، وطفلاهما أحمد وبدر.
نازحون سوريون. أ ب.
في حديث مع بلينكس، يصف محمد، شقيق مروى، ما حصل بـ"المأساة المروعة".
يقول "نزحنا من سوريا إلى هناك قبل سنوات عديدة هربا من الموت لكنه لحق بنا. الفاجعة كبيرة بفقدان شقيقتي وعائلتها. ما ذنب الأطفال؟ ماذا يعرف الصغار عن الحرب؟ لا شيء".
سيارة متضررة في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان. بلينكس.
يتنهد محمد خلال حديثه عن شقيقته، ويقول إن شقيقته كانت تعيش مع زوجها في منشأة صناعية في منطقة النبطية: "عن أي أسلحة يتحدثون؟ ما هي الأسلحة التي يحملها طفل عمره سنة ونصف؟".
غارة النبطية رفعت عدد القتلى السوريين يوم 17 أغسطس 2024 إلى 28 قتيلا، وذلك وفق إحصاء نشرته شركة "الدولية للمعلومات" اللبنانية.
السيناريو الذي واجهه محمد عبد الدائم كاد أن يتكرر مع فايز ديبان العُمر، الذي تعرضت عائلته لقصف إسرائيليّ في بلدة برج الملوك يوم 20 يوليو 2024.
سيارة من نوع "رابيد" بعد قصفها في بلدة برج الملوك. بلينكس
حينها، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية سيارة من نوع "رابيد" قرب خيمة عائلة العُمر، ما أسفر عن إصابة طفلين هما غدير وأحمد العمر، 12 سنة و 9 سنوات، وحنين فايز العُمر، 20 سنة.
بلينكس التقت العائلة وعاينت السيارة المحترقة بالكامل، ومن هناك، تظهر مستوطنة المطلة الإسرائيلية المحاذية للحدود مع لبنان بشكل واضح، والتي يستهدفها حزب الله بصواريخه.
في حديثه، يستذكر فايز العُمر لحظات القصف، ويقول "كنا نجلس على مقربة من السيارة المركونة على جانب الطريق، وفجأة باغتنا صاروخ أدى إلى تدمير السيارة. المشهد كان خطيرا وخلاله أصيب أبنائي بجروح خطيرة استدعت حصولهم على العناية الطبية".
وأردف "أحد أولادي خضع مؤخرا لعملية جراحية تكللت بالنجاح، ونحمد الله أن أضرار الاستهداف اقتصرت على هذا الحد لأنني كدت أخسر أبنائي بلحظة واحدة".
لا ينفي العمر مخاوفه الكبيرة من الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة، مشيرا إلى أنه غير قادر على مغادرة خيمته لأن تكاليف الإيجارات باهظة.
من منطقة الخيام إلى منطقة الوزاني طريق واحدة يجب سلوكها لا يرى عليها سوى مدرعات قوات "اليونيفيل" الدولية.
طريق يؤدي إلى منطقة الوزاني في جنوب لبنان. بلينكس
خلال السير على الطريق، تسمع صوت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بوضوح، وما إن تقرر الوصول إلى خيام النازحين حتى يكون عليك الدخول بطريق فرعية تعتبر خطيرة.
من الخيام إلى منطقة سردة والوزاني وصلنا.. هناك، سوريون يعيشون على خط التماس حيث الخطر كبير بسبب الاشتباكات بين مسلحي حزب الله وإسرائيل.
السوري فواز عبود فواز، البالغ من العمر 42 سنة، واحد من الذين يقطنون في مخيمات للنازحين السوريين في نقطة "سردة 2"، جميع من معه يعمل في الزراعة، مثله مثل فايز ديبان العمر، الذي لم يغادر منطقة عمله الزراعية منذ بدء الاشتباكات.
يقول فواز "نعيش على خط النار وأماكن أعمالنا الزراعية لا تبعد سوى بضع عشرات الأمتار عن الحدود. في أحيان كثيرة تعرضنا لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي بهدف إبعادنا عن المنطقة، ووقعت إصابات بيننا".
يُعرب فواز عن سخطه من تناسي مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لهم، كاشفا عن وجود أوبئة وأمراض داخل المخيم الصغير الذي يقطنه، وقال "ما من أحد يلتفت إلى أحوالنا، ما من أحد بادر لنقلنا إلى أماكن آمنة، نحن متروكون لمصيرنا".
جيل جديد من النازحين السوريين في مناطق التوتر بجنوب لبنان. بلينكس
من سردة إلى الوزاني وتحديدا نحو الحدود، تنتشر خيام أخرى، وفي إحداها يقطن اللاجئ السوري عبد الرزاق العزاب، 22 عاما. هناك، الخطر كبير، لكن العزاب قرر البقاء لأنه لا يمتلك القدرة على تحمل تكاليف المعيشة ودفع إيجارات باهظة.
يقول "بكل أسف، هناك أطراف معنية بشؤون اللاجئين تتنصل من مسؤولياتها، ويجب أن يتم إيجاد حل لهذا الأمر. نعيش في منطقة خطيرة ولا نستطيع الخروج منها لأنه لا حيلة لنا لذلك".
لكن العزاب أوضح أنه وعائلته يتلقون مؤونة غذائية بناء على بطاقة مرتبطة بالأمم المتحدة، موجودة بحوزته.
أما فواز ومن معه في "سردة 2"، فأكدوا أنهم لا يتلقون أي مساعدات غذائية من مفوضية شؤون اللاجئين.
أحد السوريين في منطقة سردة المحاذية يقول لبلينكس "نعيش القصف يوميا. نستيقظ على رعب وننام على رعب. كذلك، فإن التجول بعد الساعة 7 مساء ممنوع مهما كانت الظروف والأحوال".
نازحون سوريون في مخيم في جنوب لبنان. بلينكس
مثله مثل العمر وفواز والعزاب، يلجأ هؤلاء السوريون إلى الزراعة من أجل العيش، فلا عمل آخر لهم.
يخشى هذا السوري أيضا على مصير عائلته من أي قصف إسرائيلي، ويقول: "بعد ضربة النبطية، نخاف كثيرا، ولكن إلى أين نذهب؟ المسألة صعبة من نواحٍ مختلفة، ماليا واقتصاديا ومعيشيا".
الانتقادات التي وجهها النازحون السوريون لمفوضية اللاجئين عن عدم تقديمها مساعدات لهم كانت لافتة لاسيما في ظل الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل.
الناطقة باسم المفوضية ليزا أبو خالد، أوضحت لبلينكس أن الأعمال العدائية المستمرة في جنوب لبنان تخلق تحديات لجميع السكان، ومن الأهمية بمكان ضمان المساواة في الوصول إلى السلامة والكرامة للجميع، بما في ذلك اللاجئين.
وأكدت أن المفوضية تدعم جهود الاستعداد والاستجابة بالتنسيق الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة والشركاء الآخرين، مشيرة إلى أن هناك خطط طوارئ جاهزة، وهي مستعدة لمواصلة دعم احتياجات النازحين.
كما أكدت أنه منذ بداية الأحداث في أكتوبر 2023، قدمت المفوضية الدعم الأساسي للنازحين، سواء اللبنانيين أو اللاجئين، في جنوب لبنان، من خلال مواد الإغاثة الأساسية، بما في ذلك:
كما دعمت المفوضية 5 أماكن توفر مأوى جماعيًا للأسر النازحة، وتعزيز الوصول إلى المياه، وتحسين الخصوصية من خلال الفصل بين الجنسين، وإجراء أعمال إعادة التأهيل، بحسب أبو خالد.
وأوضحت أن المفوضية وزعت في يونيو 2024 مساعدات نقدية مقابل المأوى لقرابة 3500 لبناني ولاجئ من السوريين، بينما أعيد تأهيل 50 وحدة سكنية للعائلات.
وقالت "مساعدات الحماية النقدية الطارئة وصلت إلى 6320 لبنانيًا ولاجئًا معرضين لمخاطر على صعيد الحماية". بالإضافة إلى ذلك، وزعت المفوضية بين ديسمبر ويناير منحًا نقدية لمرة واحدة على أكثر من 47 ألفا و400 لاجئ في محافظتي جنوب لبنان والنبطية لتلبية الاحتياجات العاجلة، وفق توضيحها.
© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة
الدعم
مركز الدعم
اتصل بنا
شاركنا قصتك
مشكلة في تسجيل الدخول
إعلانات
للحصول على معلومات حول الإعلانات أو للخدمات الإعلامية، يرجى مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني:
info@blinx.comتواصل معنا
يهمنا سماع رأيك
إرسال قصصك بالبريد الإلكتروني
إذا كنت ترغب في إرسال بيان صحفي إلينا أو إخبارنا بقصة جديدة
في نفس اليوم:
لحدث مستقبلي:
تحقيقات blinx
إذا كان لديك معلومة أو قضية لوحدة التحقيق لدينا لمتابعتها، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى:
blinxinvestigations@blinx.comتواصل معنا
يهمنا سماع رأيك
© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة