مال وأعمال

آيفون يُعفَى والهند تُعاقَب.. هكذا يُدير ترامب معركة الرسوم

نشر
blinx
في الساعات الأولى من صباح الخميس 7 أغسطس، وبينما كانت عشرات الدول تستفيق على وقع الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، كانت شركات مثل "آبل" و"Nvidia" تتلقّى إعفاءات فورية من رسوم كانت ستُكبّدها خسائر فادحة، مقابل تعهدات باستثمارات داخل الولايات المتحدة.
في المقابل، فوجئت دول كبرى مثل الهند والبرازيل بعقوبات جمركية قاسية، لا بسبب خللّ تجاري فحسب، بل بسبب خيارات سياسية، مثل شراء النفط الروسي أو محاكمة حلفاء سابقين للرئيس الأميركي.
وتزامنًا مع ذلك، دخلت دول حليفة مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان في مفاوضات مع إدارة ترامب للحصول على إعفاءات "حالة بحالة"، وسط غموض متزايد بشأن قواعد اللعبة التجارية الجديدة.

اعرف أكثر

استثمارات مقابل إعفاءات.. كيف تشتري الشركات مكانتها؟

من المكتب البيضاوي، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الرقائق الإلكترونية، لكنه استثنى "آبل" من هذه الإجراءات بعد تعهدها باستثمار 100 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة، وفق واشنطن بوست و"وول ستريت جورنال".
وأوضح الرئيس الأميركي أنّ الإعفاء يشمل الشركات التي "تبني داخل أميركا"، حتى لو لم تبدأ الإنتاج بعد.
وتعهدت Nvidia أيضًا بضخّ استثمارات بـ500 مليار دولار، بحسب وول ستريت جورنال، في خطوة فسّرها محللون بأنّها محاولة للحصول على إعفاء مماثل، وهو ما تحقق لها لاحقًا.
وتكشف التقارير أن هذه الصفقات تمت سريعًا، من دون اتفاقات مكتوبة مفصلة، بل عُرض بعضها خلال فعاليات عامة أو عبر منشورات مقتضبة على منصات التواصل، فيما وصفته الصحف الأميركية بأنّه "تفاوض مباشر بين القادة التنفيذيين وترامب، من دون وسطاء".
ورغم أن بعض هذه الاستثمارات كان قيد الإعداد سابقًا، إلا أنّ طريقة تقديمها والإعفاءات المرتبطة بها تعزز انطباعًا بأنّ الشركات باتت تدفع لتُعفى، وفق ما ورد في واشنطن بوست.

الهند في مرمى النيران

في خطوة أثارت صدمة في نيودلهي، أعلن ترامب مضاعفة الرسوم على الواردات الهندية إلى 50%، عقابًا على شرائها النفط الروسي وإعادة بيعه في الأسواق العالمية، كما قال الرئيس الأميركي في منشور على "تروث سوشيال"، بحسب نيويورك تايمز.
وردّت وزارة الخارجية الهندية بوصف الإجراءات بأنّها "غير عادلة، وغير مبررة، وغير معقولة"، مشيرة إلى أنّ الهند تستند إلى مصالحها الوطنية في خياراتها الطاقوية.
لكنّ وقع الضربة لم يقتصر على الاقتصاد، بل طاول العلاقة الشخصية بين ترامب ورئيس الوزراء، ناريندرا مودي.
فقد سبق للزعيمين أن نظّما فعاليات مشتركة وراهن كثيرون على هذه الصداقة لتحقيق اتفاق تجاري شامل، بحسب واشنطن بوست.
ومع أن الهند تُعدّ من أبرز شركاء أميركا في آسيا، وتحتل المرتبة الـ١٢ في التبادل التجاري معها، إلا أنّها باتت تُعامل اليوم كخصم، لا كحليف.

حلفاء في قاعة الانتظار.. دول أوروبا وآسيا تفاوض على الهامش

رغم إعلان ترامب عن اتفاقات أولية مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، فإن هذه الدول لم تحصّل إعفاءات كاملة بعد، ولا تزال وفودها تتفاوض للحصول على استثناءات لقطاعات حساسة مثل السيارات، الموادّ الكيميائية، والنحاس، بحسب وول ستريت جورنال.
وتُظهر التقارير أن عشرات المنتجات، من عصير البرتقال البرازيلي إلى النحاس التشيلي، حصلت على إعفاءات فردية بناء على "حالة بحالة"، من دون إطار تفاوضي واضح.
ففي أبريل فقط، أعلن ترامب قائمة تضم 694 منتجًا معفى من الرسوم، تمثل نحو 43% من صادرات البرازيل، رغم فرض رسوم بنسبة 50% على بقية السلع.
ويتخوف المسؤولون الأوروبيون من أن تكون هذه الاستثناءات مجرد أدوات ضغط تفاوضي تُمنح لمن يتعهد باستثمارات أو يقدم تنازلات استراتيجية، من دون أن تستند إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، وفق نيويورك تايمز.
كما تسعى دول مثل اليابان للحصول على توضيحات بشأن توقيت تخفيض الرسوم على صادرات السيارات، في حين تحاول كوريا الجنوبية تحصين اتفاقها التجاري من المفاجآت الجمركية المقبلة.

خرق قواعد اللعبة.. هل دمّر ترامب النظام التجاري العالمي؟

بجملة واحدة نشرها على منصته "تروث سوشال"، قال ترامب: "مليارات الدولارات من الرسوم الجمركية تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة".
لكن خلف هذه العبارة يكمن تحول جذري في طبيعة التجارة الدولية.
فمنذ فبراير، فرض ترامب رسومًا جمركية على أكثر من 90 دولة، بعضها بنسب تصل إلى 100%، مستندًا إلى سلطات الطوارئ، كما جاء في واشنطن بوست ونيويورك تايمز. وقد ارتفع متوسط الرسوم الفعلي في أميركا إلى أكثر من 18%، الأعلى منذ 1934، بحسب بيانات Budget Lab.
ولم تعد الاتفاقات التجارية تُوقّع بعد سنوات من التفاوض، بل تُعلن عبر منشورات أو فعاليات إعلامية، من دون وضوح كامل في الشروط.
وقد دفعت شركات مثل آبل ونفيديا للحصول على إعفاءات، في حين تتسابق الدول إلى التفاوض الثنائي لتجنّب الضرائب العقابية.
وبينما يراها ترامب أدوات لتحقيق التوازن والاستثمار، يرى محللون أن هذه السياسات "تُقوّض النظام التجاري القائم" و"تدفع نحو فوضى تفاوضية تخلق حالة عدم استقرار طويلة الأمد"، وفق ما نقله تقرير نيويورك تايمز.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة