اعتقالات واسعة تعلّق مشاريع إسطنبول وتحيي "القناة"
بينما كانت أنظار سكان إسطنبول تتجه نحو خطط مواجهة الزلازل وأزمات السكن، وجدوا أنفسهم فجأة في "مدينة معلّقة".
فقد أدى اعتقال رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو، إلى جانب أكثر من 100 مسؤول في بلدية إسطنبول منذ منتصف مارس، إلى تعطيل مشاريع حيوية تمسّ الحياة اليومية لـ16 مليون نسمة.
ومع غياب القيادة المنتخبة، تبرز مخاوف من توسع نفوذ الحكومة المركزية، التي تواصل في المقابل دفع مشروع "قناة إسطنبول" المثير للجدل، رغم التحذيرات البيئية والاقتصادية.
الاعتقالات تشلّ الحوكمة المحلية
بحسب بلومبرغ، تم توقيف أكثر من 100 موظف ومسؤول في بلدية إسطنبول منذ منتصف مارس، بينهم رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو، الذي اعتُقل قبل أيام فقط من إعلان نيته الترشح للرئاسة.
وتتركز التهم حول شبهات فساد لم تُعرض أدلتها بعد. ووفق مخطط المدن المتقاعد، مراد جوفينتش، فإن الاعتقالات "مخطط لها بعناية وتستهدف تعطيل العمل اليومي الفعّال للبلدية".
وتشمل لائحة المعتقلين رؤساء هيئات المياه والإسكان والنقل والتخطيط العمراني، إضافة إلى رؤساء بلديات من المعارضة في أنطاليا وأضنة وإزمير.
مشاريع الزلازل والسكن تواجه الشلل
تركّزت أولويات إمام أوغلو على تقوية المباني القديمة ضد الزلازل وتوسيع المساحات الخضراء ومشاريع السكن الشعبي.
لكن بعد توقيف قادة فرق التخطيط، تراجع الزخم. بحسب بلومبرغ، اضطُر مواطنون إلى الانسحاب من برامج ترميم مساكنهم.
كما توقفت خطة "رؤية 2050"، إثر سجن مخططيها، رغم إنجازات ملموسة كالمطاعم الشعبية ومراكز الرعاية البلدية التي كانت ملاذًا بعد زلزال أبريل.
قناة إسطنبول تتقدم رغم المعارضة
المشروع الذي تصفه الحكومة المركزية بـ"المجنون" يهدف إلى شقّ ممر مائي في القسم الأوروبي من المدينة، ما يؤدي إلى إنشاء جزيرة جديدة.
وصف إمام أوغلو المشروع بأنّه "خنجر في قلب إسطنبول"، محذرًا من تبعاته البيئية والديموغرافية.
في المقابل، تؤكّد الحكومة أنه يستهدف مناطق معرضة للزلازل ويُنفّذ ضمن القانون، بحسب مكتب أردوغان.
وتفيد بلومبرغ بأنّ وزارة البيئة التركية فتحت أراضي زراعية إضافية للبناء، في مشاريع تتجاوز قيمتها مليار دولار، وسط تسارع في التطوير العقاري غرب المدينة.
تقليص نفوذ البلديات المنتخبة
وفق بلومبرغ، أجبرت الحكومة المركزية بلديات على تعيين وكلاء محل رؤساء معتقلين، كما حصل في شيشلي، حيث استُؤنفت أعمال بناء مكاتب كان قد أوقفها الرئيس السابق لدواعٍ زلزالية.
ويُعد هذا مسارًا جديدًا لتقليص سلطة البلديات، حيث تشير التقارير إلى أن تشريعًا قيد الإعداد سيمنح المحافظين المعيّنين من أنقرة سلطات أكبر في مجالات التخطيط والإعمار والمساعدات الاجتماعية.
ويخشى مراقبون من أن يتحول هذا الإجراء إلى وصاية فعلية على إسطنبول، من دون تعيين وصي رسمي.
خبراء يحذرون من المخاطر البيئية
يحذر خبراء مثل فكرات آدامان من جامعة بوغازيتشي من غياب دراسات جدوى دقيقة لمشروع القناة، مؤكدين أن الاستقطاب السياسي يغلب على تقييم المخاطر.
وقال آدامان: "إذا كنت ضد أردوغان فأنت ضد القناة، وإذا كنت معه فأنت مؤيد لها، وهذا منطق خاطئ".