مال وأعمال

ألماسٌ بلا بريق.. الرسوم والمختبرات تُربك رمز الفخامة

نشر
Camil Bou Rouphael
رسوم جمركية أميركية مفاجئة، ألماسات مختبرية تتفوق في السوق، وانهيار تاريخي للأسعار.. كلّها عوامل تتزاحم اليوم في وجه الألماس الطبيعي، الذي لطالما احتُفي به كرمز للحب والمكانة. لكن في عام 2025، يواجه هذا الحجر الكريم معركة غير مسبوقة: هل لا يزال يستحق موقعه كسلعة فاخرة، أم أن سحره يبهت تدريجيًا في أعين الجيل الجديد؟
تقرير سي إن بي سي أشار إلى أن الولايات المتحدة، التي تستحوذ على أكثر من نصف الطلب العالمي على الألماس المصقول، فرضت تعرفة جمركية بنسبة 10% على واردات الألماس، ما شكل ضربة جديدة لقطاع يعاني أصلًا من اضطراب في العرض والطلب. وفي الخلفية، تتقدم الألماسات المصنّعة في المختبرات بخطى سريعة، وتعيد رسم خريطة الطلب في أكبر الأسواق.
بحسب دراسة نشرتها The Knot ونقلتها CNBC وForbes، فإن 52% من خواتم الخطبة التي اشتراها الأميركيون عام 2024 احتوت على ألماسات مختبرية، مقارنة بـ12% فقط في عام 2019. ويُباع هذا النوع من الألماس بخصومات تصل إلى 80 – 90% مقارنة بالألماس الطبيعي، وفق تقارير الغارديان وفوربس، ما جعله الخيار المفضل لدى المستهلكين الشباب، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
فهل نحن أمام تغيير جوهري في قصة الألماس؟ وكيف يؤثر مزيج الرسوم الأميركية وصعود الألماس المختبري على موقع الألماس الطبيعي في السوق.. وفي قلوب المستهلكين؟

اعرف أكثر

رسوم على الألماس.. قرار أميركي يهز السوق العالمية

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعرفة بنسبة 10% على واردات الألماس إلى الولايات المتحدة، ما شكل ضربة جديدة لقطاع يعاني أصلًا من اضطرابات في العرض والطلب.
بحسب تقرير سي إن بي سي، فإن هذا الإجراء يطال السوق الأكثر تأثيرًا عالميًا، إذ تمثل الولايات المتحدة أكثر من نصف الطلب العالمي على الألماس المصقول.
مديرة مركز أنتويرب العالمي للألماس، كارن رينتميسترز، وصفت الوضع بأنه "عاصفة مثالية"، مؤكدة أن الألماس رغم صلابته الجيولوجية، يبقى هشًّا أمام سياسات التجارة العدوانية بسبب تعقيدات سلسلة التوريد، والتي تمر غالبًا عبر دول متعددة قبل الوصول إلى المتجر.
ورغم استثناء الذهب والنحاس من الرسوم، لا يزال الألماس خاضعًا، وسط ضغط من الصناعة الأميركية لإدراجه ضمن المواد الخام. "يمكن القول إن الألماس غير المركّب هو مادة خام"، تقول رينتميسترز، مشددة على ضرورة إعادة النظر بالقرار نظرًا لحساسية القطاع تجاه أي اضطراب تجاري.

ألماسات المختبر تكتسح.. 52% من خواتم الخطبة صارت صناعية

بعيدًا عن الرسوم الجمركية، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه الألماس الطبيعي اليوم يتمثل في الصعود اللافت للألماس المصنّع في المختبرات.
هذه الأحجار المطابقة كيميائيًا للألماس المستخرج من المناجم، باتت الخيار الأول للعديد من الأزواج من الجيل الشاب، لا سيما في الولايات المتحدة.
بحسب دراسة حديثة من منصة The Knot نقلتها Forbes وCNBC، فإن 52% من خواتم الخطبة التي اشتراها الأميركيون عام 2024 احتوت على ألماسات مختبرية، مقارنة بـ12% فقط عام 2019. وشهدت شركة Pandora، أكبر شركة مجوهرات من حيث الحجم، هذا التحول عن قرب، وقررت التوقف عن بيع الألماس الطبيعي منذ عام 2021.
وقال ألكسندر لاشيك، الرئيس التنفيذي لـPandora، إن "التحول جارٍ، وهو مستمر في النمو"، مشيرًا إلى أن الألماس المختبري يمنح المستهلكين قيمة أكبر وسعرًا أكثر عدالة، ما يفتح السوق أمام شرائح جديدة من الزبائن لم تكن قادرة في السابق على شراء الألماس.

3 قيراط بأقل من 1000 دولار؟ "الأسعار تنهار بلا قاع"

من أبرز تداعيات هذا التحوّل، انهيار أسعار الألماس على نطاق غير مسبوق.
  • فبحسب بيانات شركة Tenoris التي نقلتها The Guardian، فإن سعر الألماس الطبيعي من قيراط واحد انخفض من 6819 دولارًا في مايو 2022 إلى 4997 دولارًا فقط في ديسمبر الماضي.
  • أما الألماس المختبري، فانخفض خلال الفترة نفسها من 3410 دولارات إلى 892 دولارًا، أي تراجع بنسبة 74%.
  • هذا التراجع يعني ببساطة أن المستهلك قادر اليوم على شراء ألماسة مختبرية ضخمة، تتراوح بين 3 و5 قيراط، بمبلغ لا يتجاوز 1000 إلى 3000 دولار. وتبيع Walmart حاليًا خاتمًا من 5 قيراط مقابل 2990 دولارًا فقط، وفق تقرير Forbes.
ورأى المحلل بول زيمنسكي أن "الفرق السعري بات يصنع التمايز"، مشيرًا إلى أن هذا الانخفاض قد يستمر أكثر مع تطور تقنيات الإنتاج، مما يُربك النظرة الاستثمارية إلى الألماس الطبيعي ويقلص هوامش الربح في السوق.

المجوهرات الراقية تبحث عن طوق نجاة؟

شركة De Beers أعلنت في 2025 إغلاق علامتها "Lightbox" المختصة بالألماس المختبري، في قرار وصفته سي إن بي سي بأنه محاولة للعودة إلى التركيز على الألماس الطبيعي عالي الجودة.
لكن الشركة الأم، Anglo American، تسعى في الوقت نفسه إلى بيع حصتها في De Beers، بعد تسجيل خسائر هائلة وتراكم مخزون بقيمة ملياري دولار من الألماس غير المباع، كما أوردت The Guardian.
في المقابل، تظهر بعض المؤشرات الإيجابية في قطاع المجوهرات الفاخرة. فقد أعلنت مجموعة Richemont، المالكة لعلامات مثل Cartier وVan Cleef & Arpels، عن نمو مزدوج الرقم في مبيعاتها الأخيرة، بحسب تقرير سي إن بي سي.

هل يفقد الألماس الطبيعي رمزيته العاطفية في أعين الجيل الجديد؟

وراء هذه التحولات، يكمن تغير أعمق في النظرة إلى الألماس كرمز اجتماعي وعاطفي. بحسب The Economist، فإن خواتم الخطبة ليست مجرّد عملية شرائية بل محطة عاطفية تُقيّم جزئيًا بالسعر والمظهر. لكن مع تراجع أسعار الألماس المختبري وتطابقه مع الطبيعي من حيث الشكل، بدأ بعض المستهلكين يشعرون أن الخاتم لم يعد يحمل القيمة الرمزية نفسها.
وحذّر زيمنسكي من أن هذا التحوّل قد يُفقد الألماس موقعه كرمز للندرة والحب، مشيرًا إلى أن الخطر الأكبر يكمن في تآكل القصة التي تسوّقها الصناعة. وأضاف: "الألماس الطبيعي يبقى خيارًا شعوريًا، وعلى الصناعة أن تمنح المستهلك هذا اليقين".
في السياق ذاته، أوردت Fortune آراءً ناقدة للألماس المختبري من زاوية بيئية، حيث لا تزال معظم المصانع تستخدم الفحم في الهند والصين، ما يثير الشكوك حول مدى "استدامته" المزعومة.

الذكاء الاصطناعي يدخل الحلبة.. تصميم الخواتم خلال ثوانٍ

ولعل أبرز تجلّيات التغيير هو دخول التكنولوجيا بشكل مباشر في صلب صناعة المجوهرات. فقد كشفت نيويورك تايمز عن تطبيق أميركي جديد يدعى "Blng"، يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل أي فكرة أو رسم إلى تصميم جاهز خلال ثوانٍ.
يسمح التطبيق، الذي فاز بجائزة LVMH للابتكار، للمستخدمين بتحميل رسومات أو صور أو حتى كلمات مفتاحية لتصميم قطع مجوهرات واقعية يمكن تقديمها للعملاء أو المصانع. وتعاون التطبيق مؤخرًا مع علامات كبرى مثل Tiffany & Co.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة